وهذا هو ما يقال من : « انّ وجوده سبحانه كشف إجمالي عن الأشياء بلا طروء تركيب وحدوث امكان ».
وعلى الجملة فالله سبحانه ـ بفضل هذين البرهانين ـ لا يمكن أن يشذّ عنه اي كمال وأي وجود وإليك اعادة البرهانين :
١ ـ لو صحّ سلب وجود عنه ، أو سلب كمال للزم تركيب ذاته سبحانه من « أمر وجودي وأمر عدمي » وهذا ممّا ينافي بساطته ، ويستلزم التركيب في ذاته تعالى ، وهو ملازم للامكان الموجب للاحتياج إلى العلّة.
٢ ـ إنّ معطي الكمال لا يمكن أن يكون فاقداً له فالله الصادر منه كلّ الأشياء ، لا يصحّ أن يكون فاقداً لكمالات تلك الأشياء.
فعلى ذلك لا يمكن أن يكون وجوده سبحانه مثل سائر المراتب من الوجود بأن يكون وجدان ذاته عين فقدانه لوجود آخر ، ومع ذلك كلّه لا يمكن أن تكون تلك الكثرات الامكانية موجودة فيها بحدودها وخصوصيّاتها ، وإلاّ يلزم تركيب أسوأ من التركيب السابق.
فلا محيص من أن يكون ذلك الوجود البسيط مشتملاً على وجود أقوى ، وآكد من الوجودات الخاصّة ، المتشتتة ، المحدودة ، التي من حدودها يحصل التركيب من « الوجدان والفقدان » والعلم بهذا الوجود الآكد الأقوى ، نفس العلم بكلّ الكمالات ، وكلّ الوجودات التالية الصادرة منه.
فهو بوجوده الجمعي الواحد واقف على ذاته ، وواقف على كلّ ما يصدر منه.
وإن شئت فقل : إنّ صرف الوجود يجمع كلّ وجود ، ولا يشذّ عنه شيء ، ولكن المشتمل عليه هو ذات الوجود من كلّ شيء لا بخصوصيّته الخاصّة الناشئة عن حدّه. فالوجودات الخاصّة بخصوصيّاتها والماهيّات الموجودة بها غير متحقّقة في الأزل ، وإذ لم يكن المعلوم بخصوصيّته في الأزل لا يتصور العلم به كذلك ، ولكن