وصحيفة الوجود وتدبيره من دون أن يطرأ عليه نصب ولاتعب بإستيلاء الملوك على عروشهم على النحو الذي وصفناه.
وعلى هذا المعنى ليس للعرش واقعيّة سوى المعنى الكنائي وهو السلطة على العالم والإستيلاء على الوجود كلّه ، فتكون النتيجة إنّ للاستيلاء حقيقة تكوينيّة دون العرش.
ويمكن تأييد ذلك بأنّ العرش ربّما يطلق على الملك والسلطة وإن لم يكن هناك سرير كسرير الملوك. قال الشاعر :
إذا ما بنو مروان ثلّت عروشهم |
|
وأودت عمّا أودت أياد وحمير |
قال الجوهري : ثلّ الله عرشهم أي هدم ملكهم ، ويقال للقوم إذا ذهب عزّهم قد ثلّ عرشهم.
وقال آخر :
أظننت عرشك لا يزول ولا يغيّر
وقال آخر :
قد استوى بشر على العراق |
|
من غير سيف ودم مهراق |
وهذا المعنى متحقق بمجرد تحقّق السلطة وإن لم يكن هناك سرير وراءه.
وعلى الجملة : فهذه النظرية تبتني على كون العرش أمراً اعتبارياً والاستيلاء أمراً حقيقياً.
يلاحظ عليه : إنّ هذا المعنى وإن كان أقرب من سابقيه إلى الفهم القرآني ولكنّه يجب أن يكون للعرش حقيقة كالاستيلاء وذلك لاُمور :
أ ـ لو كان العرش أمراً اعتبارياً فلماذا وصفه بكونه عظيماً وقال سبحانه : ( وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) ( المؤمنون / ٨٦ ).