الصفار أثناء
مساره الطويل في خدمة المخزن المركزي. ففي صيف سنة ١٨٥٩ مثلا ، حين ساءت صحة
السلطان مولاي عبد الرحمن سادت الشكوك حول مصير الولاية ، فكان الصفار المركز
الأساسي الذي اعتمد عليه المخزن. وجاء في أحد التقارير الفرنسية ، أنه تم «استدعاء
طبيبين إنجليزيين إلى مكناس في شهر غشت لإجراء فحوص عليه فأكدا بأن حياته أشرقت
على النهاية. وكان الصفار هو المتحكم الحقيقي في زمام الأمور» . كما لعب الصفار أيضا دورا أساسيا في تولية خلف السلطان
المتوفى ، سيدي محمد بن عبد الرحمن (١٨٥٩ ـ ١٨٧٣) الذي كانت ميوله الإصلاحية واضحة
المعالم .
وكانت من الأهداف
الأساسية للسلطان الجديد ، محاولة تحقيق نوع من العقلنة لبنيات الدولة ؛ فعمل إلى
جانب وزيره محمد الصفار على إنشاء منصب حديث العهد في المغرب هو منصب وزير
الشكايات ، للنيابة عن السلطان في الرد عن التظلمات الصادرة على المستويات المحلية
من مجموع البلاد ، وكلف محمد الصفار بتحمل أعباء تلك المهمة الجسيمة. وتتلخص مهمة
هذا الوزير في تلقيه جميع أنواع الشكايات ، والبت أحيانا في البعض منها شخصيا «حسب
رغبة السلطان» ، وإحالة بعضها الآخر على حاكم البلاد وسيدها أحيانا أخرى. وكان
السلطان يستمع شخصيا إلى المتقدمين بشكاويهم مرة في الأسبوع ، ليؤكد بذلك دوره
التقليدي كرئيس أسمى لهيئة القضاء ، وأنه هو آخر هيئة شرعية يمكن اللجوء إليها في
البلاد للبت بصفة نهائية وحاسمة في القضايا ذات الصبغة الشائكة أو المعقدة . ويقدم
__________________