مزية في صناعة أو تجارة أو زراعة أو غيرها ، أعطوه عليها العطاء الجزيل (١).
ومن جملة استنباطاتهم في تكثير الأموال ، أنهم استحدثوا كواغيد تطبع بطابع مخصوص من عند السلطان ، مع كتابة الحاصل فيها نقش وكتابة ، وجعلوها بمنزلة سكة الدراهم والدنانير. فمنها ورقة بألف ، وأخرى بخمسماية وأقل وأكثر. ففي ساعة واحدة يستخرجون ملاين عديدة ، وتروج عندهم هذه الكواغيد كما تروج السكة ، وقد يرغب فيها أكثر من السكة ، خصوصا المسافرين لخفة حملها ورواجها في كل مكان من سلطنتهم. فيدفع ذالك الكاغد لأول صيرفي يلقاه ويصرفه له بالريال أو غيره ويدفعه في ثمن ما يشتري ، وهكذا.
وغالب تجاراتهم ومكاسبهم مشحون بالربى (٢). ومن ذالك البنكة التي هي من أعظم مكاسبهم. ومن ذالك أيضا وجه آخر يستعمله التجار فيما بينهم ، فيشتري الرجل من آخر سلعة بثمن معلوم ، ولا يدفع المشتري ثمنا ولا البائع سلعة ويضربون
__________________
(١) قارن مع جاء عند الطهطاوي في هذا الباب ، انظر : تخليص ، ص. ١٦٩ ؛ ١٧٩.L\'or ,p
(٢) في الوقت الذي كانت فيه المناقشات جارية بين العلماء حول مشروعية الفائدة ، كان التجار المغاربة ، على أرض الواقع ، يقدمون سلفات مالية ويحصلون مقابلها على رأس المال بالإضافة إلى نسبة معينة من الفائدة. غير أن الفائدة كانت تؤدى دائما بطريقة غير مباشرة ، «على شكل مبيعات وهمية للسلع بثمن يقل بكثير عن قيمتها الحقيقية في السوق ... أو بإعادة الأداء بمبالغ نقدية تختلف عن المبلغ الأصلي الذي تم اقتراضه» ، انظر :
N. Cigar," Socio ـ economic Structures", p. ٦٥; Maxime Rodinson, Islam and Capitalism) New York, ٣٧٩١ (, p. ٨١.
وانظر أيضا مادة «ربا» في : SEI ,s.v."Riba ". (المعرب) : وحين حاول المغرب الحصول لأول مرة على قرض خارجي من بريطانيا في أعقاب حزب تطوان لتسديد الغرامة الحربية لفائدة إسبانيا ، وذلك في سنة ١٨٦١ ، اعتقد المفوضون المغاربة أنهم سيحصلون على السلف دون فائدة. لكن حين أفهمهم أصحاب مؤسسة القرض بأن تسديد الفائدة أمر حتمي ، فقد تم الاتفاق بين الجانبين على عدم الإشارة بصريح العبارة إلى تلك الفائدة في نص العقد ، لأنها حرام. على أن تضاف نسبة الفائدة اللازمة إلى رأس مال السلف دون التصريح بها ، انظر خالد بن الصغير ، المغرب وبريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر ، ١٨٥٦ ـ ١٨٨٦ ، منشورات كلية الآداب بالرباط ، ١٩٩٧ ، الطبعة الثانية ، ص. ١٩٣ ـ ٢٠٣.