يطبعون بها مسامير
من قزدير أسفلها غليظ وأعلاها مشحوذ وفيه الحرف ، منها ما هو حرف واحد ومنها ما هو
حرفان متصلان. إذا كانا يكتبان كذالك ، فيعمد إلى الحروف الذي يريد أن يكتبها
ويجمعها في لوحة على مقدار الورقة المطبوعة ، وينزلها مرتبة بسطورها على كيفية
الرسم ، ويشدها في اللوحة ببعضها بعضا بئالة حتى لا يختل ترتيبها ، فتكون محكمة في
اللوحة ، ثم يطليها بالمداد وينزل عليها الورقة ويعصرها بزيّار فتخرج الورقة مكتوبة كلها. هذه الإشارة إلى كيفيتها في
الجملة ، ولنذكر ما رأينا في هذه الدار تفصيلا.
فأول ما دخلنا بيت
فيه أفران ومعلمون يفرغون الحروف. والإفراغ يكون في قالب من نحاس على قدر ذالك
المسمار ، والحرف محفور في أسفل القالب هكذا مثلا س لحرف السين. فإذا دخل القزدير
المذاب في القالب ، فإنه يخرج بذالك الحرف في رأسه ، لاكنه في أسفل القالب مستقيم
ويخرج في المسمار معكوسا ، فإذا طبع به جاء الطبع مستقيما كما هو الشأن في كل
طابع. وهذا عمل هاؤلاء يفرغون الحروف على اختلاف أشكالها عربية وعجمية ، وينزلونها
صبة واحدة.
ثم بعدهم بيت آخر
فيه عملة وخدام أكثر من الأولين ، عملهم تصويب تلك الحروف بإصلاحها وتمليسها
وتسويتها وإزالة الشناقيب التي تخرج في جوانها ، وهكذا تصير في أحسن تقويم مستقيمة
متساوية. بحيث إذا أنزلت في لوحة الطبع ورتبت يكون سطحها شيئا واحدا ، ليس فيها
أعلا ولا نازل ليستقيم بها الطبع ولا يخطئ حرف موضعه. ثم بعدهم عملة آخرون يفرقون
الحروف من بعضها بعضا ، وينزلون
__________________