عشر أقرب ما تكون
إلى الاعتدال والموضوعية والنظرة المتزنة بالمقارنة مع باقي الكتابات المعاصرة لها
من أمثال كتابات لاكوندامين (١٧٣١) ، وج. مورغان (١٧٣١) ، وج. ب. طولو (١٧٣٢) ، بل تعتبر مع اختصارها
أكثر دقة مما تضمنته رحلة الطبيب الإنكليزي الدكتور شو (١٧٣٨) ؛ وهذا ما شجعنا على ترجمتها والتعليق عليها وتقديمها
للقارىء لتكتمل الجوانب التي لم تركز عليها باقي الكتابات الغربية عن الفترة
العثمانية من تاريخ المغرب العربي.
لقد ظلت هذه
الرحلة بعيدة عن أيدي الباحثين ، فلم يحاول الكتاب الفرنسيون الرجوع إليها لصعوبة
الوصول إليها ، وأهملوا نشرها وتحقيقها رغم اختصارها وغزارة معلوماتها ، ولعل ذلك
يعود إلى كونها لا تقدم لهم الصورة التاريخية التي تتماشى ونظرتهم لأقطار المغرب
العربي الحديث. كما أن صاحبها ظل مجهولا رغم بحوثه العلمية في مجال الطب وعلم
النبات ، فلا نعرف عنه سوى معلومات متواضعة ، فهو كما جاء في النسخة الفرنسية لهذه
الرحلة ، من أهالي مدينة نوشتادت أون أورلا (Neustadt / Orla)
الواقعة بمقاطعة الساكس بألمانيا ، درس الطب في شبابه بجامعة يينا (Iena) ، واستقر بلايبزيغ (Leipzig)
، وتحصل على عمل بفضل توصية من عالم النبات ريفيناس (Rivinas)
حيث اشتغل عند أحد التجار الأغنياء ، فأوكلت إليه مهمة العناية بالنباتات النادرة
، وهذا ما سمح له بمواصلة دراسته والحصول على
__________________