الذي يكون بسبب الآفة (١) يمنع نفوذ الألوان بمضادته (٢) للإشفاف ، وكذلك الذي يكون لكدورة الرطوبة ، وكذلك إن كان السبب لكثرة الرطوبة ، فإنها إذا كانت كثيرة أيضا لم تجب إلى حركة التحديق والخروج إلى قدام إجابة يعتد بها. وإذا كانت العين زرقاء بسبب قلة الرطوبة البيضية كانت أبصر بالليل وفي (٣) الظلمة منها بالنهار ، لما يعرض من عنف (٤) تحريك الضوء للمادة القليلة فيشغلها عن التبين (٥) فإن مثل هذه الحركة تعجز (٦) عن تبيين (٧) الأشياء كما تعجز عن تبين (٨) ما في الظلمة بعد الضوء.
وأما الكحلاء بسبب كثرة الرطوبة. فيكون بصرها بالليل أقل ، بسبب أن ذلك يحتاج إلى تحديق وتحريك للمادة إلى خارج. والمادة الكثيرة تكون أعصى من القليلة.
والإنسان أشد الحيوان اختلافا في ألوان العين. وقد يكون في الخيل أيضا أزرق وأخيف.
واعلم أن حدة البصر على وجهين : أحدهما القوة على إدراك البعيد ، والثاني القوة (٩) على شدة تفصيل المحسوس ؛ وربما اختلفا. والحدة الأولى سببها غؤور (١٠) الرطوبة حتى يكون إليها سبيل ضيق ، ولا يحيرها قرب إشراق الضوء على جهاتها كلها ، بل إنما يأتى إليها المبصر بمحاذاة مضبوطة مقدرة محصورة ، فتكون سائر الأجزاء من العين غير منفعلة ولا مشوشة (١١) ، وإذا تحركت إلى جهة المحسوس كأنها (١٢) تندفع من مكانها إلى التحديق لم تصر (١٣) بها الحركة إلى مدهشه الضوء ، بل بقى بعد ذلك لها غؤور (١٤) ما.
واعلم أن العين عند التحديق تتحرك حركة نحو خارج شوقا طبيعيا (١٥) إلى الاقتراب من المدرك والاستكمال بالفعل الخاص ، فإن برزت إلى قرب الهواء لقصر المسافة وقعت فى مدهشة (١٦). والعين الجاحظة قليلة التبيين (١٧) لما بعد عنها لذلك.
__________________
(١) الآفة : القاعة سواء والعنبية د ؛ سواء العنبية سا ؛ سواد العنبية ط ؛ إيقاعه م
(٢) بمضادته : بمصادمة م. (٣) وفى : ويجيء م.
(٤) عنف : عضو ط (٥) التبين : التبيين سا ، ط
(٦) تعجز : تعرض ب.
(٧) تبيين : تبين د ، سا ، م
(٨) تبين : تبيين ط.
(٩) القوة (الثانية) : ساقطة من سا.
(١٠) غؤور : غورد ؛ عوز سا.
(١١) مشوشة : متشوشة د ، سا
(١٢) كأنها : كلها م. (١٣) تصر : تضر د ، سا ، م
(١٤) غؤور : عون د ، سا ؛ غور ط ، م.
(١٥) طبيعيا : ساقطة من ب ، م.
(١٦) مدهشة : هشة د
(١٧) التبيين : التبين د ، سا ، م.