والماعز. وما كان من السمك لا يأكل اللحم فلا يحتاج إلى الأسنان ؛ وما كان منها يأكل اللحم فيحتاج إلى أسنان حادة لا محالة ؛ ولأنها عادمة للاعتماد في جذبها ما تنهشه ، وعادمة لحركة العنق ، فقد عقفت أسنانها ، وربما جعلت صفا بعد صف ، وجعلت العالية تتهندم (١) على السافلة. ومما يوجب ذلك سرعة بلعها ، لأنها لا تقدر أن تمضغ زمانا ، وإلا لسال الماء إلى أحشائها فوق الحاجة. وهذه الصفوف جعلت لها أيضا لتقطع (٢) ما تنهشه أجزاء صغارا يقوم ذلك بدل المضغ.
وفي فم الحيوان منافع كثيرة كما تعلم. وما (٣) كان من الحيوان إنما ينفعه فمه في الغذاء وفي (٤) الكلام فلم يحتج إلى تكبير. وكل (٥) فم احتيج منه (٦) إلى بطش إما للقتال وإما للغذاء الذي لا يحصل إلا بالنهش والجرح والصيد ، فقد احتيج إلى تكبيره وتوسيعه. وكذلك الحال في السمك (٧). ومناقير جوارح الطير معقفة المخاليب ليحسن تمكنه من النهش ، إذ ليس ينال طعمه بمشى وانتقال. ومناقير لاقط الحب مستوية ، فإن ذلك أسهل له فى (٨) الالتقاط (٩). ومناقير ما يحتاج في اغتذائه إلى سحو (١٠) الطين عريضة كالمسحاة. وربما اجتمع في بعض المناقير تعقيف يسير مع استواء ، إذا كان مما يلقط الحب ويأكل اللحم.
أقول : إن من بنات الماء طائرا (١١) أبيض أسود الرجلين والمنقار كأن طرف منقاره ملعقة.
قال : القرون خلقت على الرأس ، لأن سائر الأعضاء إما متأخرة لا تبصر ما يليها فينطح بها وإما مشغولة بحركات أخرى كاليدين ، وإما ممنوعة النطح (١٢) بما يتقدمها ، كالكتفين. وكأن القرن (١٣) في أكثر الحيوان إنما خلق على سبيل تدارك تقصير الحافر ،
__________________
(١) تتهندم : تهندم ط.
(٢) لتقطع : لتقطيع ط.
(٣) وما : وكما سا.
(٤) وفى : أو في ط ، م
(٥) وكل : فكل ط
(٦) منه : فيه ب.
(٧) السمك : السمكة ب ، د ، سا.
(٨) فى : + الانتقال د ، سا ؛ + الاستعمال ط ، م
(٩) الالتقاط : للالتقاط د ، سا ، ط ، م
(١٠) سحو : سحق ط ، م.
(١١) طائرا : طيرا سا.
(١٢) النطح : من النطح د ، سا ، ط ؛ بالنطح م.
(١٣) القرن : القرون ط ، م.