تدل على برد (١) المزاج ، فقول (٢) باطل ، فإن (٣) تلك الشهوة هي الشهوة الفاسدة التي تكون لبرد المزاج ، ولا يكون معها استمراء واغتذاء. والاستمراء في الصبيان في أكثر الأوقات على أحسن ما يكون ، ولو لا ذلك لما كانوا (٤) يوردون من البدل (٥) الذي هو الغذاء أكثر مما يتحلل حتى ينمو ، ولكنهم قد يعرض لهم سوء استمراء لشرههم (٦) وسوء ترتيبهم (٧) في تناول الأغذية ، وتناولهم الأشياء الرديئة والرطبة والكثيرة ، وحركاتهم الفاسدة عليها. فهذا هو القول في مزاج الصبى والشباب (٨).
ثم يجب أن تعلم أن الحرارة بعد مدة سن الوقوف تأخذ في الانتقاص لانتشاف (٩) الهواء المحيط مادتها التي هي الرطوبة ، ومعاونة الحرارة الغريزية أيضا من داخل ، ومعاضدة الحركات البدنية والنفسانية الضرورية في المعيشة لهما ، وعجز الطبيعة عن مقاومة ذلك دائما. فإن جميع القوى الجسمانية (١٠) متناهية ، فقد علم ذلك ، فلا يكون فعلها في المواد دائما ، فلو (١١) كانت هذه القوة أيضا غير متناهية وكانت دائمة الإيراد لبدل ما يتحلل على السواء بمقدار واحد ، لكن كان التحلل ليس بمقدار واحد ، بل يزداد دائما كل يوم. والرطوبة بعد النمو تحتاج إلى أن تنتقص لتشتد الجبلة لما كان البدن (١٢) يقاوم التحلل ، ولكان التحلل يفنى الرطوبة ، فكيف والأمران كلاهما متعاونان على تهيئة النقصان (١٣) والتراجع ، وإذا كان كذلك ، فواجب ضرورة أن تفنى الرطوبة ، فتطفئ الحرارة ، وخصوصا إذ (١٤) يعين طفؤها بسبب عوز المادة سبب آخر وهو الرطوبة الغريبة (١٥) التي تحدث دائما لعدم الغذاء الهضم ، فيعين على إطفائها من وجهين : أحدهما بالخنق والغمر (١٦) (١٧) ، والآخر بمضادة الكيفية ؛ لأن تلك الرطوبة تكون بلغمية باردة وهذا هو الموت (١٨) الطبيعى المؤجل لكل
__________________
(١) تدل على برد : إنما هي لبرد ط ، م
(٢) فقول : قول د ، سا
(٣) فإن : لأن ب. (٤) كانوا : ساقطة من م
(٥) البدل : البدن سا.
(٦) لشرههم : لشراههم ط.
(٧) ترتيبهم : تربيتهم م.
(٨) والشباب : والشبان ط.
(٩) لانتشاف : لانتشاق م.
(١٠) الجسمانية : النفسانية سا.
(١١) فلو : ولو د ، ط.
(١٢) البدن : البدل ب ، د ، سا ، ط ..
(١٣) النقصان : الصبيان د.
(١٤) إذ : أو د ؛ إذا ط ؛ أن م.
(١٥) الغريبة : الغريزية م. (١٦) بالخنق والغمر : بالخنف والغمز د
(١٧) والغمر : والفم م. (١٨) الموت : ساقطة من م.