للجسم مع ذلك مزاج خاص يصلح أن يتقبل (١) به القوة (٢) الغريزية التي تخصه. ولذلك ما تختص الصورة الطبيعية بمادة على حدة وتغتدى بها (٣) وتربو وتجذب وتدفع. فلنضع أن البياض واللزوجة يجعلان المنى موافقا للتمديد (٤) والتشكيل ، فكيف علم أن ذلك كاف له فى المزاج الذي يحتاج إليه ، حتى يكون عظما أو عرقا أو عصبا أو إنسانا أو فرسا. وعسى أن يكون مزاجه الذي له ، مزاجا ليس يصلح أن يقبل صورة العظيمة والعرقية ، وله (٥) قبول (٦) التخطيط والتمديد للزوجته وكونه (٧) أبيض. ولو كان هذا القدر كافيا للمنى في أن يتكون منه حيوان ، لكان المخاط والبلغم الأبيض اللزج يصلح أيضا لأن يتكون منه (٨) الجنين ، ولكان كل منى يصلح لتكون كل حيوان.
وهذا هو الجواب أيضا عما ذكره من (٩) أمر الرطوبة في الوعاء الذي يسميه وعاء المنى. إنك لم تعلم من حاله إلا أنه أبيض لزج ، وبهذا وحده لا يصير منيا. على أن هذا أحسن ما يجب أن يتعلق به ، لكن تعلقه ليس على الترتيب الحسن. والذي ذكره من حديث الشريانات ، وأنها إن كانت مولدة للمنى ، فيجب أن تغتدى به. فإنه لقائل أن يقول : إنها تولد المنى على نحو من كيفية فعلها (١٠) ، كإفراط فعلها فيها ، ولوجه (١١) آخر ، كما يولد الكبد الصفراء والسوداء ، ثم لا يكون أحدهما صالحا لأن يغتدى به.
ثم يقلب عليه القضية (١٢) ، فيقول : لو لا أن الدم هو عنصر الأعضاء في أول التكون ، لما كان اغتذاؤها منه.
وهذا هو اللزوم الذي استعمله. لكن اغتذاءها منه في ثانى الحال. فهو إذن عنصر الأعضاء في أول التكون. وأما القياس الذي فرح به ، فالأول منه ثلاثة مقاييس (١٣) فى الظاهر ، وخمسة في الحقيقة. فأما الثلاثة الظاهرة : فأحدها اقترانى من شرطيتين ،
__________________
(١) يتقبل : يقبل ب ، ط ، م
(٢) القوة : القوى د ، سا.
(٣) بها : به د ، سا ، م.
(٤) للتمديد : للتحديد م.
(٥) وله : وإن د ، سا ، ط
(٦) قبول : قبل د ، سا ، ط ، م
(٧) وكونه : وكان د ، سا ، ط ، م.
(٨) منه : عنه ب.
(٩) من : فى ط.
(١٠) فعلها : الفعل د ؛ الفعل له سا
(١١) ولوجه : أو لوجه د ، سا ، ط.
(١٢) القضية : القصة د ، سا ، ط ، م.
(١٣) مقاييس : مقايس ب ، ط.