بمدركة ، بل الإدراك يحتاج أن يكون لما من شأنه أن يتطبع (١) بتلك الصورة (٢) تطبعا (٣) ما بما هو قوة مدركة. وأما الذكر والمصورة (٤) فإنما تنطبع فيهما (٥) الصور بما هى آلة ولها جسم يحفظ تلك الصور قريبا من حامل القوة الدراكة وهى الوهم حتى ينظر إليها متى شاء ، كما يحفظ الصور (٦) المحسوسة قريبا من الحس ليتأملها (٧) الحس متى شاء.
فهذا التأويل يحتمله الذكر والمصورة ولا تحتمله النفس ، فإن وجود الصورة المعقولة فى النفس هو نفس إدراكها لها ، وأيضا سنبين بعد فى الحكمة الأولى أن هذه الصورة لا تقوم منفردة ، فبقى أن يكون القسم (٨) الصحيح هو القسم الأخير ، (٩) ويكون التعلم طلب الاستعداد التام للاتصال به ، حتى يكون منه العقل الذي هو البسيط فتفيض منه الصور مفصلة فى النفس بتوسط الفكرة ، فيكون الاستعداد قبل التعلم ناقصا ، والاستعداد بعد التعلم تاما. فإذا (١٠) تعلم يكون من شأنه أنه إذا خطر بباله ما يتصل بالمعقول المطلوب ، وأقبلت النفس على جهة النظر ـ وجهة النظر هو الرجوع إلى المبدأ الواهب للعقل ـ اتصل به ففاضت منه قوة العقل المجرد الذي يتبعه فيضان التفصيل ، وإذا أعرض عنه عادت فصارت تلك الصورة بالقوة ، ولكن قوة قريبة جدا من الفعل. فيكون التعلم الأول كمعالجة العين ، فإذا صارت العين صحيحة (١١) فمتى شاءت نظرت إلى الشىء الذي منه تأخذ صورة ما ، وإذا أعرضت عن ذلك الشىء صار ذلك بالقوة القريبة من الفعل. وما دامت النفس البشرية العامية فى البدن ، فإنه ممتنع عليها أن تقبل العقل الفعال دفعة ، بل يكون حالها ما قلنا. وإذا قيل : إن فلانا عالم بالمعقولات ، فمعناه أنه بحيث كلما شاء أحضر صورته فى ذهن نفسه ، ومعنى هذا أنه كلما شاء كان له أن يتصل بالعقل الفعال اتصالا يتصور فيه منه ذلك المعقول ، ليس أن ذلك المعقول حاضر فى (١٢) ذهنه ومتصور (١٣) فى عقله بالفعل دائما ، ولا كما كان قبل التعلم. (١٤) وتحصيل (١٥)
__________________
(١) يتطبع : ينطبع ك (٢) الصورة : الصور د ، ف
(٣) تطبعا : انطباعا ك. (٤) والمصورة : والمصور م
(٥) فبهما : فيها د ، ف ، م.
(٦) الصور : والصورة د ، م
(٧) ليتأملها : ليقابلها م.
(٨) القسم (الأولى) : التقسيم م
(٩) الأخير : الآخر ك.
(١٠) فإذا : وإذا ك ، م.
(١١) صحيحة : مصححة م.
(١٢) فى (الأولى) : ساقطة من د ، م
(١٣) ومتصور : ويتصور ك
(١٤) التعلم : التعليم م
(١٥) وتحصيل : وبتحصل د ؛ وبتحصيل ك ، م.