شديدة الاضطراب والخلط ، وقد قام هو نغمان بدور ما فى تبديد بعض هذا الخلط. وثمة أهمية جوهرية بالنسبة لنا تمثلها تلك المصنفات التى ظهرت لها ترجمات مستقلة فى العالم العربى ويمكن تتبع آثارها فى مؤلفات الجغرافيين بالمعنى الواسع للفظ أى خارج دائرة الاختصاص الضيقة. وليس من المستطاع الجزم بانتماء جميع هذه المصنفات إلى الأدب الجغرافى ، مثال ذلك كتاب بطلميوس فى التنجيم «كتاب الأربعة» أوquadripartitum (١٠٤) الذى يحتوى على أربع مقالات فى تأثير النجوم على مصير العالم ، وهو بمثابة ذيل للمجسطى وترجع الترجمة الأولى له إلى عهد المنصور وتنسب إلى أبى يحيى ابن البطريق (توفى حوالى عام ٨٠٠) والد المترجم المشهور (١٠٥) ، وأخرى أحدث منها تنتهى إلى العصر الذهبى فى خلافة المأمون ، ويقوم بدور المترجم حنين بن إسحق وثابت بن قره. كما وأن الكتاب قد شرح أكثر من مرة (١٠٦) ولكنه لم يطبع إلى الآن فى صورة تامة. وقد ضمن الجغرافى وعالم الآثار المشهور الهمدانى قطعة كبيرة منه فى «الجغرافيا التنجيمية» فى كتابه فى وصف جزيرة العرب (١٠٧).
وقد اكتسب صيتا واسعا ترجمة «الجداول الفلكية المبسطة» المستخرجة من «المجسطى» والتى ترتبط أحيانا «بجدول المدن الكبرى» (١٠٨) ؛ ولا تزال غير واضحة تماما صلة هذه المصنفات ببعضها البعض حتى فى المحيط اليونانى. وكما وضح منذ عهد غير بعيد فإن المصنف الأخير يمثل كتابا مستقلا (١٠٩) ، بينما لا يرجع تأليف «الجداول الفلكية المبسطة» إلى بطليموس بقدر ما يرجع إلى ثاون Theon الشارح المشهور للقرن الرابع (١١٠). ومهما يكن من شىء فإن هذه الجداول هى المسئولة بالذات عن ظهور ذلك المصنف الذى عرف فى العالم العربى باسم «زيج بطلميوس» والذى لا علاقة له البتة بالمجسطى (١١١). ويبدو أن معرفة العرب بهذا الزيج منذ عهد الرشيد كانت عن طريق السريان (١١٢) ؛ وأغلب الظن أنه قد قام بدوره فى تثبيت لفظ «زيج» (١١٣) وانتشاره فى العالم الإسلامى بصورة نهائية ، بحيث استمر يتمتع بتداول واسع على مدى تاريخ الجغرافيا الرياضية عند العرب وبقى كذلك فى عهد ورثتهم الفرس والترك.
ولا تزال مستعصية على الحل مسألة أصل كتاب آخر تعزوه العرب دون أى مبرر إلى بطلميوس وهو «كتاب الملحمة» ، ولا يقصد بالملحمة هنا المعركة بل «التنبؤات» وذلك لعلاقته بالتنجيم (١١٤). وهذا الكتاب هو المصدر الأساسى لياقوت فى معجمه الجغرافى دون جميع الزيجات الأخرى وعليه بنى تحديده لأطوال وعروض المدن واستخرج منه وقائع تنجيمية مختلفة (١١٥). وقد بلغت استشهادات ياقوت به السبعين تقريبا (١١٦) ، جمعها هو نغمان بدرجة تتفاوت قربا وبعدا عن الكمال. والمقارنة التى أجراها بينه وبين بقية المصادر جعلته يفترض أنه على صلة ما بالترجمة «الرديئة» التى كانت تحت تصرف الكندى (١١٧) والمختلفة تمام الاختلاف عن الترجمة المصلحة للخوارزمى (١١٨) ؛ وهى كالأخيرة تضم عناصر بطلميوسية وأخرى عربية. وليس من الممكن توضيح طبيعة العلاقة الزمنية بين «كتاب الملحمة» وكتاب