قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تاريخ الأدب الجغرافي العربي [ ج ١ ]

تاريخ الأدب الجغرافي العربي

تاريخ الأدب الجغرافي العربي [ ج ١ ]

تحمیل

تاريخ الأدب الجغرافي العربي [ ج ١ ]

458/469
*

الثقافى فى ذلك العصر (١٤٣) ؛ ذلك العالم هو حاجى أحمد التونسى الذى يبدو من نسبته أنه تونسى الأصل ولكنه درس بفاس واهتم منذ صباه بالعلوم خاصة الجغرافيا ، ثم سقط أسيرا فى أيدى المسيحيين واشتراه رجل فاضل من أهل البندقية شمح له بالاستمرار فى دراساته فتعمق فى تفهم الجغرافيين الأوروبيين وفحص خارطاتهم بدقة ومن ثم واتته فكرة وضع خارطة للعالم المعروف آنذاك يجمع فيها بين معطيات أبى الفدا وقواعد المساقط الكارتوغرافية (Projection) للرياضى والكوزموغرافى أورونتيوس فينايوس Orontius Finaeus (١٤٩٤ ـ ١٥٥٥) التى طبقها فى وضع خارطته للعالم عام ١٥٣٦ (١٤٤). ونزولا على رغبته مولاه فقد سجل الأسماء الجغرافية باللغة التركية التى لم تكن لغته الأصلية ، غير أن عددا من الألفاظ العربية وجدت طريقها إليها (١٤٥). وقد أتم التونسى عمله فى عام ٩٦٦ ه‍ ـ ٩٦٧ ه‍ ـ ١٥٥٨ ـ ١٥٦٠ فى عصر السلطان سليمان القانونى وكان مهيئا للطبع فى عام ١٥٦٨ ، ولكن لظروف معينة لم يتم طبعه (١٤٦). ويوجد بمكتبة القديس مرقص بالبندقية كليشيه لهذا الرسم محفور على أربع لوحات (أو ست على وجه الدقة (١٤٧)) من خشب التفاح ؛ وفقط فى عام ١٧٩٥ أنجزت على أساسه أربع وعشرون نسخة un tirage de vingt ـ quatre e؟preuves (١٤٨) ظهرت مع رسالة توضيحية موجزة بقلم العالم المارونى الشهير السمعانى S.Assemani (١٧٥٢ ـ ١٨٢١) الأستاذ بجامعة بادواPadua (١٤٩). ـ

ونظرة عاجلة إلى المصور تبين لنا أن التونسى قد استعار من فنايوس ليس فقط طريقة المساقط والشكل الأصيل للخارطة على هيئة قلب وكذلك خط الزوال الأساسى الذى يمر بجزر الكنارى بل استعار منه أيضا الجزء الأكبر من تخطيطه لسواحل القارات والجزر. ومع هذا فيجب إقرارا للحق الاعتراف بأن عدد المصطلحات الجغرافية لديه أغنى بكثير كما وأنه أجرى عددا من التصحيحات على سلفه بعضها هام للغاية مثال ذلك تصحيحه لسواحل أمريكا خاصة الأجزاء الشمالية منها (١٥٠) ؛ وهكذا يقف التونسى فى محيط الكارتوغرافيا العربية نسيج وحده لا سلف له ولا خلف. ويكمن عيبه الأساسى فى استعماله للأصل الذى اعتمد عليه بصورة آلية تغلب عليها الشكلية ، وسنرى عند انتقالنا للكلام على الخارطات التركية المعاصرة له أنه قد قامت لدى الأتراك مدرسة مستقلة استعارت مادتها بصورة أوسع وعرفت كيف تهضمها وتتمثلها بأصالة واضحة.

وفى القرن السادس عشر اتسعت وقويت صلات المغرب بالدولة العثمانية بصورة نشيطة ؛ وكان من جراء خضوع الجزائر لسلطان العثمانيين (١٥١٩) أن أحست مراكش بخطر مباشر يهدد حريتها خاصة وأن أفراد أسرة الشرفاء قد طلبوا العون من الأتراك منذ أن استولوا على مقاليد الأمور بمراكش ، وذلك لوضع حد للتطاحن من أجل العرش بين أفراد الأسرة نفسها وللقضاء على دسائس البلاط. ونتيجة لهذا فقد دخل الطرفان فى علاقات دبلوماسية ونشطت السفارات الذاهبة إلى استنبول حتى أخذت طابعا منتظما فى بعض الأحايين (١٥١) ؛ ومن المحتمل جدا أن ليون الإفريقى نفسه قد قام برحلته إلى استنبول