فى نشاطه العلمى ؛ وهو أيضا كان موضع اهتمام العلماء الروس (٩٣). ويتتسب قزوينى إلى أسرة من قزوين شغل أفرادها لمدة طويلة مناصب إدارية كان من بينها وظيفة المستوفى (أى مفتش الحسابات) ، وقد شغل خمد الله نفسه هذه الوظيفة فى أيام رشيد الدين. ولعله هو أيضا بدأ نشاطه العلمى كرشيد الدين بالتأليف فى التاريخ فقد وضع فى البداية قصيدة تاريخية على غرار شاهنامه الفردوسى ، تلاها كتاب فى التاريخ العام بعنوان «تاريخ كزيده» أتمه فى حوالى عام ٧٣٠ ه ـ ١٣٣٠ وهو يتمتع بشهرة كبيرة فى الأدب. ويقدم لنا المؤلف فى الفصل السادس من هذا الكتاب الأخير وصفا مفصلا لمسقط رأسه قزوين وذلك على طراز الرسائل الجغرافية التاريخية المعروفة لنا جيدا عن المدن الكبرى (٩٤) ؛ ويوجد هذا الكتاب فى متناول الأيدى فى ترجمة فرنسية ظهرت منذ السنوات الخمسينات من القرن الماضى ؛ وقد وكد الرحالة فى منتصف القرن التاسع عشر دقة ما أورده من معلومات (٩٥). وإلى جانب هذا فلقزوينى مصنف جغرافى مستقل هو «نزهة القلوب» أتم تأليفه فى حوالى عام ٧٤٠ ه ـ ١٣٣٩ (٩٦). وتاريخ وفاة قزوينى غير معروف على وجه التحديد ولكنه يؤخذ فى العادة على أنه عام ٧٥٠ ه ـ ١٣٤٩. ويمكن اعتبار مصنفه مكملا للمذهب العربى الإيرانى من نمط الكوزموغرافيا المعروف لنا ، جامعا إلى هذا بضع ملاحظات فلكية وطبيعية وجغرافية بأوسع ما يحمله هذا اللفظ من معنى. وينقسم الكتاب إلى مقدمة وثلاث مقالات وخاتمة ، ففى المقدمة ترد المعلومات المعتادة عن السماء والنجوم والفصول والتوقيت كما يرد وصف عام للأرض وللأطوال والعروض والأقاليم السبعة ، أما المقالة الأولى فتعالج الكلام على المعادن والنبات والحيوان بينما تتناول المقالة الثانية الكلام على الإنسان (خاصة من وجهة النظر التشريحية) ، ويلى هذا المقالة الثالثة المفردة للجغرافيا والتى تنقسم إلى أربعة أقسام يتحدث فى الأول منها عن مكة والمدينة والمسجد الأقصى وفى الثانى عن إيران مع استطرادات عديدة أما الثالث فعن الأقطار المجاورة لإيران والتى خضعت لها حينا من الدهر بينما يتحدث فى الرابع عن المناطق التى لم تخضع لإيران مطلقا ؛ وفى الخاتمة يعالج المؤلف الكلام عن جميع أصناف العجائب من مختلف أنحاء العالم (٩٧). ويفضلها جميعا من حيث القيمة الفصل الثانى من المقالة الثالثة عن إيران لأنه لا يعتمد على المصادر الكتابية فحسب بل وأيضا على ملاحظات المؤلف الشخصية التى جمعها أثناء أسفاره الإدارية العديدة بنواحى إيران المختلفة ، زد على هذا أن المنصب الإدارى الذى ورثه عن أسرته (٩٨) إذا جاز القول بهذا قد ساعد قزوينى على الوصول إلى الوثائق الرسمية. ووفقا للمذهب التقليدى القديم فهو لا يكتفى بالكلام على البلاد الإيرانية بل يتحدث عن بلاد كالجزيرة العربية وشرقى أفريقيا (٩٩) ، إلا أن المكانة الرئيسية عنده تشغلها آسيا الصغرى والعراق ، وبوجه خاص إيران. وقد أفاد قزوينى فائدة جمة من الذين سبقوه فى هذا المضمار خاصة ابن خرداذبه وياقوت وزكريا القزوينى ؛ وهو فى وصفه لفارس يعتمد إلى حد كبير على المسودة الفارسية لابن البلخى (١٠٠). ولا يمكن إنكار حظه من المنهج