له أن يتممه بالتالى. وقد استطاع هذا العالم أن يلقى فى تسعة فصول تظرة عاجلة إلى الأدب الجغرافى العربى الوصفى والفلكى على السواء ؛ وهذا المقال وإن تقادم عليه العهد فإنه يمثل بعض الطرافة لأنه يحوى رأى عالم جغرافى كبير فى قيمة العلم العربى. وفى السبعينيات من القرن الماضى عندما بدأ دى خويه فى نشر «مكتبة الجغرافيين العرب» دبج مقالا فى الجغرافيا عند العرب ظهر بالمجلة الجغرافية الهولندية وكان موجها إلى القارئ العام (١٨٧٤) ؛ ولم يكتف دى خويه فى مقاله هذا بمعالجة الجغرافيا الفلكية بل أفرد نبذا قصيرة للكلام على نحو عشرين من ممثلى الجغرافيا الوصفية إلى عهد أبى الفدا ؛ وهو يفصل بعض الشىء فى كلامه عن المقدسى ويلقى ضوءا على دور المؤرخين فى تطوير الجغرافيا. ولنفس الأسباب التى أحاطت ببحث ميرن فإنه لم يتعرف على مقال دى خويه إلا عدد محدود من الناس بحيث أصبح الآن نسيا منسيا. وفى مؤلف كريمرKremer «التاريخ الحضارى للشرق» Culturgeschichte des Orients ظفر الفصل الذى أفرده للجغرافيين بشهرة كبيرة ، شأنه فى هذا شأن بقية الكتاب (١٨٧٧) (٣٦). وهو ككل كتابه قد صيغ أيضا فى أسلوب يتميز بالكثير من الحيوية والمهارة وظل إلى بداية القرن العشرين خير عرض للموضوع من أجل القارئ العام غير المتخصص. وثمة عرض آخر يمتاز بالفائدة والوضوح وهو مقال دفيك Devic (١٨٨٢) الذى يعتبر خبيرا بالأدب الجغرافى خاصة فيما يتعلق بشرق أفريقيا. وهو يورد ذكر ستة وثلاثين مؤلفا مع نبذ صغيرة عنهم وبضع مقتطفات من مصنفات فجر الأدب الجغرافى. وكمدخل عام للموضوع فإن هذا المقال يمكن أن يمثل بعض الأهمية حتى فى الوقت الحاضر.
وفى السنوات التسعينات وذلك بمناسبة الانتهاء من طبع سلسلة «مكتبة الجغرفيين العرب» ظهرت بضع دراسات مفيدة عن فجر الأدب الجغرافى يجدر بنا أن نميز من بينها خاصة اثنتين ، إحداهما لنالينو (١٨٩٤) والأخرى لشقارتزSchwartz (٣٧) (١٨٩٧). فالأولى مستهلة بملاحظات للجغرافى الإيطالى الشهير جيدو كوراGuido Cora يعبر فيها عن ضرورة ترجمة مصنفات هذه السلسلة ويرجو أن تتحقق هذه الأمنية يوما ما ؛ وفى الواقع أن تنفيذ ذلك المشروع لم يبدأ إلا فى الآونة الأخيرة. ثم يقدم لنا نالينو خلاصة وافية لجميع أجزاء السلسلة مع تراجم المؤلفين ويشفع ذلك بثبت حافل للمراجع. أما شقارتز فإنه يبدى ملاحظات ذات طابع عام عن المؤلفين الذين تضمنّهم السلسلة ويفصل الكلام بشكل خاص على ابن خرداذبه والمقدسى أكثر مما يفعل مع الإصطخرى.
هذا وقد اضطرد نمو المادة وتطور العلم فى نصف القرن الأخير بسرعة هائلة مما دعى إلى اعتبار جميع الملخصات التى ظهرت فى القرن التاسع عشر غير وافية بالغرض حتى ولو سطرتها أقلام علماء كبار ؛ وهى تمثل الآن خطوة ليس إلا فى دراسة الموضوع. وفيما عدا ذلك فلا أهمية لها البتة باستثناء أقسام معينة منها ، بحيث يضحى من الأفضل أن يبدأ الدارس بالمؤلفات التى ظهرت فى العشرينيات