يضاف إلى هذا معلومات أخرى مثل معلوماته عن الهند وفرقها وعن الصين ، وهى
تمثل أهمية كبرى فيما يتعلق بتلك البلاد كما دلل على ذلك فيران Ferrand أثناء تحليله لها.
وإلى جانب هذا
المصنف البيليوغرافى وصلنا عن أواخر القرن العاشر مصنف فى المصطلحات العلمية لا
يقل أهمية عن «الفهرست» ، ذلك هو كتاب «مفاتيح العلوم» لأبى عبد الله محمد بن أحمد
بن يوسف الخوارزمى. وقد أصبح هذا الكتاب معروفا جيدا للعلماء المتخصصين فى كافة
فروع العلوم منذ الطبعة التى نشرها فان فلوتن Van Vloten
عام ١٨٩٥ والتى تعتمد على أقدم مخطوطة يرجع تاريخها إلى عام ٥٥٦ ه ـ ١١٦٠ ـ ١١٦١ ؛ أما أهمية الكتاب بالنسبة لتاريخ العلوم والثقافة فقد
تم الاعتراف بها بحق على أنها لا تقل أهمية عن «الفهرست» و «رسائل إخوان الصفاء» .
وقد ظهر هذا
الأثر فى ذات الوسط الإدارى الذى برزت فيه إلى الوجود فى ذلك العصر طائفة من
الآثار الممتازة فى منطقة إيران الشرقية التى نافست بغداد نفسها فى القرن العاشر.
وكان أبو عبد الله الخوارزمى كاتبا للعتبى وزير نوح الثانى السامانى الذى ولى
الحكم فى المدة ٣٦٥ ه ـ ٣٨٧ ه ـ ٩٧٦ ـ ٩٩٧ ، وعاش بنيسابور حيث وضع كتابه بين
عامى ٣٦٥ ه ـ ٩٧٦ و ٣٨١ ه ـ ٩٩١. وكان هدفه فى الأصل وضع مصنف للدواوين على هيئة
معجم يشرح المصطلحات المستعملة فى جميع فروع العلوم المختلفة. وقد أفرد المقالة
الأولى لعلوم الشريعة ولعلوم العربية المرتبطة بها ، وهى تقع فى ستة أبواب تضم
الفقه والكلام والنحو والكتابة (الرسائل) والشعر (ومعه العروض) والتاريخ. أما
المقالة الثانية فتعالج علوم «العجم» ويعنى بذلك اليونان والسريان والفرس والهند ،
وهى تحتوى على تسعة أبواب فى الفلسفة والمنطق والطب وعلم العدد والهندسة وعلم
النجوم والموسيقى والحيل والكيمياء .
هذا الترتيب
يكشف عن مدى إحاطة المؤلف الجيدة بتصنيف العلوم عند اليونان ، ولعله قد عرفته؟؟؟ اليونانية والسريانية إلى جانب
الفارسية التى كانت دون ريب قريبة منه. ولم يكن إلمامه بالمصادر العربية بأقل من
تلك ، فهو كثيرا ما استعمل معجم الخليل ومصنفات الأصمعى اللغوية بل كان يرجع إلى
مصنف مثل كتاب الشعر لابن المعتز. ولكتابه أهمية خاصة فيما يتعلق بخراسان وما وراء
النهر التى عرفها أكثر من غيرها. ومعطياته عن مصطلح الرى فى تلك البلاد قد بحثها
العلماء الروس أكثر من مرة ولا تزال تحتفظ بأهمية واقعية إلى أيامنا هذه. والكتاب
بأجمعه كما قال فان فلوتن يمتاز «بترتيب وإيجاز فى العرض قلّ أن يوجد مثيل لهما فى
المصنفات العربية» .
والجغرافيا
كعلم تحتل بالطبع مكانا ثانويا فى «مفاتيح العلوم» ؛ ويقتصر المؤلف على معالجتها
من الناحية الرياضية فحسب ، وهى تدخل فى الغالب فى باب الفلك (الباب السادس من
المقالة الثانية) حيث تشغل المكان الثانى . وفيه يرد شرح مفيد جدا لجميع المصطلحات الأساسية
المستعملة فى اللغة