Nallino (١٨٩٥) ومؤلف هذا الكتاب (١٩٣٧) وغيرهم. وقد ظهرت لها ترجمة كاملة بقلم رانكنغ Ranking وأزوAzoo (١٨٩٧) ثم أخيرا بقلم سوفاجيه Sauvaget (١٩٤٦) (٨٣). وهذه الحكاية مكتوبة فى لغة مسجوعة تحفل بالكثير من التعابير النادرة والإشارات المقتضبة لذا فإنها تمثل أنموذجا طريفا لأسلوب المقدسى ويبرز فيها ميله الواضح إلى السجع والنثر المقفى. وإن الصعوبات التى تعترض فهم هذه القطعة قد جعلت من ترجمتها أمرا عسيرا ولكن على أية حال ليس بالدرجة التى تقف حائلا دون ترجمتها فى الظروف المعاصرة. وإليك النص الكامل لها (١) :
«ذكر ما عاينت من الأسباب (٨٤). اعلم أن جماعة من أهل العلم ومن الوزراء قد صنفوا فى هذا الباب وإن كانت مختلة غير أن أكثرها بل كلها سماع لهم ونحن فلم يبق إقليم إلا وقد دخلناه وأقل سبب إلا وقد عرفناه ، وما تركنا مع ذلك البحث والسؤال والنظر فى الغيب فانتظم كتابنا هذا بثلاثة أقسام أحدها ما عاينّاه والثانى ما سمعناه من الثقات والثالث ما وجدناه فى الكتب المصنفة فى هذا الباب وفى غيره ، وما بقيت خزانة ملك إلا وقد لزمتها ولا تصانيف فرقة إلا وقد تصفحتها ولا مذاهب قوم إلا وقد عرفتها ولا أهل زهد إلا وقد خالطتهم ولا مذكرو بلد إلا وقد شهدتهم ، حتى استقام لى ما ابتغيته فى هذا الباب ولقد سميّت بستة وثلاثين اسما دعيت وخوطبت بها مثل مقدسى وفلسطينى ومصرى ومغربى وخراسانى وسلمى ومقرئ وفقيه وصوفى وولى وعابد وزاهد وسيّاح وورّاق ومجلّد وتاجر ومذكّر وإمام ومؤذن وخطيب وغريب وعراقى وبغدادى وشامى وحنيفى ومتؤدب وكرىّ ومتقفه ومتعلم وفرائضى وأستاذ ودانشومند وشيخ ونشاسته وراكب ورسول ، وذلك لاختلاف البلدان التى حللتها وكثرة المواضع التى دخلتها ، ثم إنه لم يبق شىء مما لحق المسافرين إلا وقد أخذت منه نصيبا غير الكدية وركوب الكبيرة فقد تفقهت وتأدبت وتزهدت وتعبدت وفقّهت وأدّبت وخطبت على المنابر وأذنت على المنابر وأممت فى المساجد وذكّرت فى الجوامع واختلفت إلى المدارس ودعوت فى المحافل وتكلمت فى المجالس وأكلت مع الصوفية الهرائس ومع الخانقاءيين الثرائد ومع النواتى العصائد وطردت فى الليالى من المساجد وسحت فى البرارى وتهت فى الصحارى وصدقت فى الورع زمانا وأكلت الحرام عيانا وصحبت عبّاد جبل لبنان وخالطت حينا السلطان وملكت العبيد وحملت على رأسى بالزنبيل ، وأشرفت مرارا على الغرق وقطع على قوافلنا الطرق وخدمت القضاة والكبراء وخاطبت السلاطين والوزراء وصاحبت فى الطرق الغسّاق وبعت البضائع فى الأسواق وسجنت فى الحبوس وأخذت على أنى جاسوس ، وعاينت حرب الروم فى الشوانى وضرب النواقيس فى الليالى ، وجلّدت المصاحف بالكرى واشتريت الماء بالغلى وركبت الكنائس والخيول ومشيت فى السمائم والثلوج ونزلت فى عرصة فى الملوك بين الأجلّة وسكنت بين الجهال
__________________
(*) يورد المؤلف ترجمة دقيقة لهذه القطعة باللغة الروسية ويشرح الألفاظ الصعبة فى الهامش. أما نحن فنكتفى بالطبع بإيراد النص العربى كما هو دون إجراء تصحيحات فيه. (المترجم)