لا يفصح إلّا عنه ، ولا يقتدى إلّا به ، وهو الملاذ الآمن الذي دلّ الكتاب والسنة على عصمته ، وطهارته من كل رجس ، فلا يتصور أن يصدر منه ذنب ، أو خطأ ، لا عمداً ، ولا سهواً ، وهو الذي جسَّد أحكام الإسلام ، وآدابه في سلوكه ، وفي أوامره ، ونواهيه ، مترجماً إياها بالعمل الصالح الجاد ، والتطبيق المبتني على التقوى ، وبذلك يكون الجادة التي لا يضل من سلكها ، واستنار بهديها.
ومن البديهي أنَّ إرسال الرسل ، ونصبهم الأوصياء بأمر من الله عزوجل ليقوموا بتوجيه البشر بعدهم ، وليؤدوا عن الرسل ما جاءوا به ، بقدر ما هو حجة لله عزوجل على عباده ، فهو لطف بهم ، ونعمة أسبغها عليهم ، لينالوا بها خير الدنيا والآخرة ، لأنَّه يصلح لهم بهذه الوسيلة شؤونهم ، ويرشدهم لما فيه خيرهم.
والإمام علي عليهالسلام نعمة تامة ، لا تشبهها نعمة من النعم ، ومن دراسة سيرته العطرة يتضح لنا ذلك ، فهي تعكس لنا ما تقدمه من دروس وعبر ، وما خلّف من عطاء ثر للإنسانية على اختلاف مللها ونحلها ؛ لذا نرى المفكرين من مختلف الأديان والأهواء يتدارسون سيرته العطرة ؛ لينهلوا من نمير معينها العذب ، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ، وكلما تقدم مفكروا الأمم ، وارتقوا فكرياً ، ازدادت معرفتهم بشخصيته ، مستفيدين من اتساع آفاقهم الفكرية للإستزادة من التراث الفكري الذي خلفه ، واستقامته في سيرته ، ومنهاجه في الحياة.
عرفنا من البحوث السابقة أنَّ الأدلة على عصمة الإمام علي عليهالسلام أدلة قطعية ثابتة ، من الكتاب العزيز ، والسنة النبوية الشريفة ، وأنَّ سيرته أيدت ما ثبت بالأدلة ، وأنَّ خصائصه الفريدة تدل بوضوح على أنَّه تالي الرسول المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم في الفضل ، والتقوى ، والعلم ، والعمل ، والجهاد ، وهو بذلك الرجل الذي ينبغي أن يخلفه ، ولا مجال للشك في أحقيته لهذا المنصب.