المعوذتين ، بأن ابن مسعود قد وهم في ذلك وأخطأ في ظنه ، كما هو حال أبي بن كعب في إدخاله ما ليس من القرآن فيه ، فقال في تأويل مشكل الحديث :
وطعنه عليه لجحده سورتين من القرآن العظيم (يعني المعوذتين) ، فإن لابن مسعود في ذلك سببا والناس قد يظنون ، وإذا كان هذا جائزا على النبيين والمرسلين فهو على غيرهم أجوز ، وسببه في تركه إثباتهما في مصحفه أنه كان يرى النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يعوذ بهما الحسن والحسين ويعوذ غيرهما كما كان يعوذ بكلمات الله التامة فظن أنهما ليستا من القرآن فلم يثبتهما في مصحفه وبنحو هذا السبب أثبت أبي بن كعب في مصحفه افتتاح دعاء القنوت وجعله سورتين ؛ لأنه كان يرى رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يدعو بهما في الصلاة دعاء دائما فظن أنه من القرآن (١) .
___________
(١) تأويل مختلف الحديث ١ : ٢٥ ـ ٢٦ ، أقول : والأخزى هنا قول ابن قتيبة بجواز إسقاط الأنبياء والمرسلين كلمات الله المنزلة في الكتب السماوية خطأ وسهوا ! ، ولا ندري كيف وثق ابن قتيبة بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أكمل تبليغ القرآن ولم ينس شيئا منه ؟! ، وبعبارة أخرى إن هذه الدعوى ترفع مصداقية الآيات التي تنص على تسديد الله عزّ وجلّ للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فمن المحتمل أن تكون هذه الآيات العاصمة من عند غير الله عزّ وجلّ ، وبسبب الخطأ والسهو نسبها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لله عزّ وجلّ ؟! وهو أمر ممكن على كلام إمامهم ابن قتيبة ، نعوذ بالله من هذه الكلمات وممن يتكلم بها .