(وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً. ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ) تمهيدا وحيدا في الحياة وجاه قومه وأقرانه ، وسهلت له سبل الحياة تسهيلا (ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ) : تمهيدا له بالمال الممدود والبنين الشهود ، كأنه أعطي ما أعطي استحقاقا أو دونه ، ولذلك يطمع أن أزيد!.
(كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً. سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً).
(كَلَّا) ليس كما يطمع فلن أزيده شيئا ، وليس كما يزعم ، فلم يعط استحقاقا وإنما ابتلاء واستخفافا : (إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً) آيات النبوة والوحي من القرآن العظيم ، وآيات الله من ملائكة الوحي والرسل ، وآياته الكونية الدالة على ألوهيته إذ لم يكن ليعتبر بها ، إنه كان عنيدا : كثير العناد والعتاد لهذه وتلك ، لذلك انتخبته قريش لكي يفكر وينظر في أمر هذه الآيات ، فانه كان ضليعا في اللغة العربية فاختاروه ، محاولة للقضاء على وحي القرآن ، وليخيّل إلى الناس أنه قول البشر وسحر يؤثر ، لذلك حق عليه أن يرهق صعودا يضطر إلى عذاب صعد ، يغشاه بقهر غليظ العذاب ، في دنياه إذ لم يأت بشيء ضد القرآن ، إلا حكما ضد العقل (إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ) ومن شأن السحر الزوال دون البقاء! وفي عقباه صليه سقر ، وإنما العذاب الصعود هنا جزاء الكيد الصعود ضد القرآن كما كاد : بما أرهق نفسه بعناء طويل.
فالذي ينحرف عن سبيل الايمان الميسر الودود ، ويقطع حياته ضد الحق في شدة واضطراب وقلق ، فحياته النفسية والفكرية هنا صعود ، فكذلك هي في الأخرى صعود جزاء وفاقا.
فإن كانت الأكثرية الساحقة من أصحاب الجحيم إنما يستحقونها بما انجرفوا في تيارات التخلف دون تفكير ، فهذا الوليد الوحيد سوف يصلى النار بما اعتمله بتقدير وتفكير ، فقد حاول أن يعكس أمر الحقيقة بعد ما تجلت له من وحي القرآن ، فحق له إذا عذاب السعير: