سراجا وهاجا (وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً) (٧٨ : ١٣) كل ذلك
رغم آلاف الأقمار والشموس في سماء الأنجم ، وعلها في سواها أيضا.
فبما أن المخاطبين
هنا ـ فعلا ـ هم سكنة الأرض ، وان كان معهم غيرهم ، ولا نور قمريا ولا سراج شمسيا
لهم في هذه السماوات ، إلا هذا القمر وهذه الشمس لذلك يقول : (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً ،
وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) أي جعلها لكم ، كما جعلها لغيركم من سكنة الكرات طالما لهم
أقمار النور والشموس السراج ، مما يبرهن أن الشمس الضياء والقمر النور هما في
السماء الأولى : سماء الأنجم ، لا فوقها : (تَبارَكَ الَّذِي
جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً) (٢٥ : ٦١).
والشمس السراج
توحي أن نور القمر مكتسب منها ، ودليلا واقعيا حسيّا على أنه ليس له نور من ذاته ،
وصول البشر إلى سطح القمر ، بينما تأكدت الاستحالة على أي المخلوقات الوصول إلى
كوكب الشمس ، فلولا الشمس لكنا في ليل داج دائب ، فالقمر ليس سراجا ، وإنما نور
كما يستعمل لغرفة النوم ليلا و (هُوَ الَّذِي جَعَلَ
الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) (١٠ : ٥).
فالقمر إذا ليس
سراجا ولا ضياء بذاته ، إنما هو الشمس سراجنا وضياؤن ا الوحيد في كل الأفلاك ،
مهما كان في سماء الأنجم وسواها شموس وأقمار لمن سوانا من سكنة الكرات.
(وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ
مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً. ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً) :
هل الإنسان من
نبات الأرض؟ أجل ولأنه نبت منها كسائر النباتات مهما اختلفت كيفية الإنبات ،
فلنبات الإنسان من الأرض وسائل طائلة تخرجه من صدق نبات الأرض عليه فيما يطلق ،
فلا يصح السجود عليه لعدم صدق الأرض عليه ولا نباتها ، مهما كان نابتا منها. فصدق
الاستعمال والتعبير إيحاء بحقيقة كونية لا يصدق شمول اللفظة المطلقة على المستعمل
فيه ، وحقيقة الإنبات الظاهرة