إن البدن الجديد يشابه القديم : أنه على مثاله ، وأنه كان فيه ، ويفارقه أنه خلاصة منه ، دائبة مع الروح مدى الحياة ، قابلة للخلود ، بعيدة عن الفساد ، بخلاف العتيق البائد غير الخالد ، الناقص والزائد ، إذا فالجديد خير من العتيق صفاء وجلاء ، وإن كان أبلى منه بلاء إن كان من أهل البلاء ، ولكنه خير جزاء إن كان من أهله ، خيرا على خير.
وقد يروى صحيحا عن الإمام جعفر الصادق عليه السّلام : سئل عن الميت يبلى جسده؟ قال : (نعم ـ حتى لا يبقى لحم ولا عظم إلا طينته التي خلق منها فإنها لا تبلى تبقى مستديرة في القبر حتى يخلق منها كما خلق أول مرة (١)) وكما يروى عنه في البدن المعاد : (هي هي وهي غيرها).
نبذة عن تبديل الأمثال كما يخطر ببال :
إن الروح المفاقة بعد صعقتها تعود يوم القيامة الكبرى إلى شخص هذا البدن الذي صار رفاتا ، تعود إليه بعد خلقه ثانيا على مثال صورته الاولى ، متخلصا متحللا عما زاد على أجزاءه الأصيلة ، التي خلق منها أول مرة : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (٧ : ٢٩) (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) (٢١ : ١٠٤) فالعود على مثال البدء في خلق أول إنسان ، وكل إنسان.
فكما ان كل إنسان مخلوق من سلالة من طين وهي الماء المهين (المني) وهو سلالة وصفوة من كافة أجزاء الإنسان ، التي هي سلالة من مختلف الأغذية ، التي تسللت أولا من طين تحول غذاء نباتا وحيوانا ، فالمني إذا سلالة من طين ، من طيات هذه التحولات ، ومن ثم النطفة سلالة من هذا الماء المهين ، تجعل في قرار مكين من المبيض ، لكي تنمو وتصبح جنينا بعد طي مختلف الصور خلقا بعد خلق ، وهذا في الخلق الأول لكل إنسان إلا الأول.
__________________
(١) بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج ٢١ ص ٤٣ ـ ح ٧ وفيه ج ٣٧ ح ٥ «والبدن يصير ترابا منه خلق» أي الطينة المشار إليها في الحديث.