رغم أن القرآن لا يذكر امرأة باسمها ، يردد ذكر مريم (ع) أربع وثلاثين مرة ، تكريما لها ، وذودا عن كرامتها التي مسّت بتهم اليهود ، وتدليلا على أن المسيح عليه السّلام ولد دون أب «عيسى بن مريم» مما لم تجتمع في غيرها من النساء مهما كانت البعض منهن أفضل منها كفاطمة (ع) ، فان الأخيرين دافعان مستقلان لذكرها ، وليسا من الفضائل الهامة للمرأة ، وإنما إبراز معجزة إلهية ودفع تهمة التصقت بها عبر هذه المعجزة : (حملها دون زوج يعرف).
هذا ، ولكن ترى كيف يذكر حفظ الفرج هنا وفي آية اخرى في عداد فضائلها ، ويفرّع عليه نفخ الروح فيه ، كما هنا ، وفيها كما في الاخرى : (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا) (٢١ : ٩١) مع أن حفظه لا يختص بها ، وأنه من اوّليات واجبات الإيمان؟ ثم ترى ، ما هو المنفوخ فيها وفي فرجها؟ وماذا حملت في هذا النفخ؟ أروح المسيح ، أم هي مع جسمه ، أم نطفة الرجولية مع الروح ، أم ماذا؟ .. فهل إن ذكر إحصان الفرج لدفع تهمة اليهود الفاجرة (وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً) (٤ : ١٥٦) (يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) (١٩ : ٢٨)؟ ولدفع اختلاق النصارى لها عشيقا خطيبا هو يوسف النجار ، لتخفيف وطأة التهمة؟ فهذا وذاك وإن كانا من الدوافع لذكره ، ولكن لا يتفرع على إحصان الفرج ـ هذا ـ أن ينفخ فيه من روح الله!.
أو ولأنها كانت معرّضة للحملة الجنسية ، لجمالها ، وأنها نذرت لخدمة البيت فكانت فيه ليل نهار ، ولكنها غلبت على مختلف النوازع والعراقيل قانتة مجاهدة رافضة للجنس حرامه وحلاله ، ولأنه ينافي وحريتها في خدمة البيت ،