كلا! فهناك إيمان من أهل الكتاب قبل أن يسلموا ، ثم إيمان بعده فلهم أجران ، وهنا إيمان من غيرهم بداية ، ثم تقوى تحكّم ذلك الايمان فلهم كفلان ، حيث الايمان الأول للآخرين هو الايمان الثاني للأولين ، فقد فاقهم المؤمنون المتقون ـ إذا ـ في تحكيم الايمان ، فطالما لأولئك أجران ، فلهؤلاء كفلان إضافة الى نور يمشون به وغفران ، اللهم إلا أن يثلثوا إيمانهم بتقوى الايمان فهم سواء مع المؤمنين المثنين الايمان.
وترى ما هما الكفلان ، وما هو النور والغفران؟
الكفل هو الكفيل الضامن ، والرحمة الكفلان علّها الحسنتان : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ) (٢ : ٢٠١) وعلى النور الذي يمشون به فيهما ، وعذاب النار الذي يوقونها فيهما ، هما الكفلان أو منهما ، فحسنة الدنيا كفيلة لحسنى الحياة فيها ، بتحويلها الى حسنها في الاخرى ، وحسنة الاخرى التي هي الاخرى كفيلة بالروح والرضوان ، أو الحسنتان هما كفل ، والوقاية عن عذاب النار هو الآخر : كفالة إيجابية واخرى سلبية.
ثم النور الذي يمشون به هو الفرقان الناتج عن تقوى الايمان ، المخرج عن طغوى العصيان : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ) (٨ : ٢٩) (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) (٣٩ : ٢٢) (يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) (٦ : ١٢٢) في ظلمات الوسواس الخناس ومهابط الأحوال ومخابط الأوحال فلا ينزلق أو يتخبط.
وهذا النور كفل للمؤمنين عظيم ، يكفل تنويرهم في الحياتين ، ويتحول من الدنيا الى الأخرى نورا يسعى بين أيديهم وبأيمانهم ، ويتممه الله هناك :
(يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا) (٦٦ : ٨).
ثم دور الغفران هو تتميم نور الإيمان ، وكفارة عما ربما يعرضه من نسيان وعصيان.