(تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) ٥ ولأنه تنزيل العزيز فهو عزيز : (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (٤١ : ٤١) عزيز لا يغلب بنسخ أو تحريف ، أو تحوير وتجديف ، وفي «تنزيل» مصدرا منصوبا إشارتان إلى عظم موقف القرآن ، فلا يوصف بالتنزيل إذ هو فوق الوصف الذي ليس لزاما لموصوفه ، (١) والتنزيل لزام القرآن وكيانه ، ليس له وراء (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) موقف حتى يوصف به ، إذا فالوصف هنا هو الموصوف ، والموصوف هو الوصف دون فارق!
ثم المصدر دليل ثان على ذلك الكيان المجيد للقرآن ، أنه من عزة الله ورحمته المنزلة على خلقه ، فلا يحمل كيانا إلّا ربوبيا في أعلى مظاهره.
وقد يعني «تنزيل» نبي القرآن مع القرآن فإنه منزل (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً) (٦٥ : ١٠) ومنزّل حيث الدرجات المتتالية منزلّة عليه من العزيز الحكيم منذ كان فطيما حتى بلوغه وحتى رسالته وإلى قضاء نحبه.
فمحمد القرآن وقرآن محمد هما تنزيل العزيز الرحيم ، كما هما على صراط مستقيم ، وكما يحملان مع بعض ، هذه الرسالة القمة دون فكاك.
ولأنه تنزيل الرحيم فهو كتاب رحيم يعم برحمته وكما رسوله (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (٢١ : ١٠٧).
كتاب عزيز رحيم ، تنزيل العزيز الرحيم على رسول عزيز رحيم ، عزة في التنذير ورحمة في التبشير وفي كلما يتطلب عزة ورحمة.
__________________
(١) فان تنزيل منصوب اما على الاختصاص او على المدح او انه مفعول اعني.