وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩) خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (١٠) هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(١١)
سورة لقمان تحمل ثورة لقمان العقائدية والخلقية بصورة العظة لابنه ، وفيها ككلّ جولات ثلاث وجاه القلب البشرى بفطرته إذ يعلم الله مداخلها ومساربها ومآربها ، وما تغشى عليها غواش من دخان الأرض.
تبدأ الجولة الأولى من خلال النفس الإنسانية بأسلوب شيّق ومؤثّرات جادّة جديدة : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ ..) نموذجا عاليا من العظات الرسالية مهما لم يكن لقمان رسولا.
والجولة الثانية بادئة بعرض كائنات من السماوات والأرض : (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ...).
والجولة الثالثة هي مشهد الليل والنهار والشمس والقمر : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ ...) وفي هذه الجولات الثلاث وما بينهما جلوات عقلية وفطرية وعلمية وحسية تتبنى الأصول الثلاثة كما هي طبيعة الحال في القرآن كله ولا سيما في السور المكية.