مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ. قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) (٧ : ٧٦).
و (لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) هنا دليل ان آخرين منهم ظلوا ضالين تحت نير المستكبرين ، فالمختصمون ضد الرسالة كانوا هم الأكثرية الساحقة ، والاختصام هنا ذو بعدين ، اختصا ما لهم مع الفرقة المؤمنة ، وآخر مع صاحب الرسالة ، مهما كانت فجوته متروكة لآية أخرى لا تذكر هنا ان (ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (٢٩ : ٢٩) ـ :
(قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)٤٦.
فالعاقل اللبيب يستعجل الحسنة دون السيئة ، والمتنازل عن عقله كعادة للطائشين يستعجل الحسنة قبل السيئة ، خلطا بينهما ، والنازل إلى أسفل الدركات يستعجل السيئة قبل الحسنة ، فبدلا من الايمان ولو تجربة ، يكفر ويجرب العذاب المهلك حتى لا يبقى ظرف لحسنة الإيمان ، إذ لا إيمان بعد نزول العذاب ، والمؤمن اللبيب يعيش حياة الاستعجال للحنسة ابتعادا عن أية سيئة ، مستغفرا ربه عما أساء لعلّه يرحم.
فحتى لو كان الايمان بالله ضلالا فهو خير من عذاب الله القاضي على أصل الحياة ، فيا لهم ضلالا ما أبعده ان يستعجلوا السيئة : العذاب قبل الحسنة : الايمان الصواب فالثواب ، كفرقة أمثالهم من كفار قريش القائلة : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٨ : ٣٢) ويا للهول من هؤلاء الأوغاد الأنكاد حيث يحملون الجحيم فى أنفسهم نفسها ولمّا يدخلوها!.
(قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ