(فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى. قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ، فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ... وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) (٣٧ : ١٠٧).
فذلك الهدي المتواتر منذ ابراهيم وإلى يوم الدين ، انه ذبح عظيم ، إعلانا جاهرا واشعارا باهرا من الحاج ، أنني اذبح كما ذبح ابراهيم ، بديلا عما امر بذبحه ، فهذه شعيرة عظيمة في الهدي على مر الزمن ومنعطفات التاريخ ، منذ خليل الله إلى حبيب الله وإلى يوم لقاء الله.
ذلك «ذبح عظيم» ما أعظمه ، ابتداء من هذه الشعيرة العظيمة ، إذاعة للحجاج في مذياع الحج اننا وصلنا في مدرسة الشعائر المناسك إلى حد التضحية لأنفسنا في الله.
ثم حشرا لمسرح ومعرض الدم ، سيول الدماء تسيل بأمر الله وفي سبيل الله واطعام اهل الله ، ولكي تتعود العيون ان ترى لون الدم ، والأيدي والأرجل ان تنغمس في سيل الدم ، ولكي لا يهابوا ويخافوا الدم ، حيث تجب اراقتها في سبيل الله ، في خطوط النار ومسارح الحرب حفاظا على حرمات الله ، قاتلين اعداء الله او مقتولين في سبيل الله.
وهذه اشعارة ثانية في هذه الشعيرة ، أنّنا امة الدم ، فلا نخافه حين يطبّق امر الله ، حفاظا على شرعة الله.
ومن ثم اشعارة ثالثة هي القاعدة الظاهرة لذلك المثلث في آيات الهدى ، وهي : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ ـ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) أكلا وإيكالا من هذه الهدية العظيمة ، إشباعا لبطون الجياع ، الوافدين إلى البيت العتيق ، حيث هم ضيوف الله ، ف «لن ينال الله لحومها ولا دماءها ولكن يناله التقوى منكم»!