مستقبل من حياة التكليف ، ام بعد الموت (١).
فهو بذلك التجهيل تأجيلا وتعجيلا يلمس قلوبهم المقلوبة لمسة قوية ويذرهم يتوقعون كل احتمال ، وتوقع العذاب على غير موعد محدّد مضروب يترك النفس متوجّسة ترتقب في كل لحظة لحظة ما توعّدت من عذاب ، ام (وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) تأجيلا له فتنة وابتلاء فالى رحمة ام مزيد عذاب.
ولما وصلت حالته الدعائية في بلاغه لهذا الحد الحديد المديد ، هنا يتركهم مؤديا أمانته ، متوجها الى من حمله إياها ، ملتمسا منه متطلبا :
(قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) ١١٢.
(رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ) بيني وبين هؤلاء المكذبين ، حكما لي بما بلّغت الرسالة كما حمّلت ، وحكما عليهم بما كذبون ، حكما عينييا بما كانوا يوعدون ، كما حكمت بوحي من قبل ، حكما يطبّق ما حكمت.
وقد كانت الأنبياء تقول في نهايات الأمور (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ) فاستنّ الرسول بسنتهم في قوله (رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ) طلبا لإنجاز الوعد الحق ، وقد كان إذا شهد قتالا قال رب احكم بالحق» (٢).
__________________
(١) الدر المنثور اخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) كان ...
(٢) نور الثقلين ٣ : ٤٦٧ في عيون الاخبار في باب جمل من اخبار موسى بن جعفر مع هارون الرشيد ومع موسى بن المهدي حديث طويل يقول فيه رأيت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) ليلة الأربعاء في النوم فقال لي : يا موسى أنت محبوس مظلوم ،