تقديرُهُ يحفظونَهُ مِنْ أَمرِ اللهِ ، أَيْ : بأمرِ اللهِ (١) ، ويُستَدَلُّ على إرادةِ الباءِ هُنا بقراءَةِ علي عليه السّلام (يَحْفَظُونَهُ بِأَمرِ اللهِ) ، لاَِنَّ هذِه المصائب كلّها في علم الله باقدارِهِ فاعلِيهَا عليها ، فيكون هذا كقول القائل : هربْتُ مِنْ قضاءِ الله بقضاءِ اللهِ ، قيلَ : تَأويلُ أبي الحَسَنِ أذْهَبُ في الاعتدادِ عَلَيهم ، وذَلِك أَنَّهُ سبحانَهُ وكَّلَ بِهِم مَنْ يَحْفَظُهُم مِنْ حوادثِ الدهرِ ومخاوفهِ التي لا يُعْتَدَّ عَلَيْهِم بتَسْلِيطِها عليهم ، وهذا أَسهلُ طريقاً ، وأَرسخُ في الاعتدادِ بالنِّعمَةِ عَلَيْهِم عروقاً (٢).
وقَرأَ الجماعة : (التَّائِبُونَ العَابِدُونَ) (٣) وقَرَأَ أُبي وعبد الله بن مسعود ويروى أَيضاً عن الأعمش : (التائبينَ العابدينَ).
قال أَبو الفتح : أَمَّا رفعُ (التائبونَ العابدونَ) فعلى قطع واستئناف ، أَي : هم التائبونَ العابدونَ.
وأَمَّا (التائبينَ العابدينَ) فَيحتَمِل أنْ يكونَ جرًّا وأَنْ يَكُونَ نَصْباً.
أمَّا الجَرُّ فَعَلَى أنْ يَكُونَ وصْفاً للمؤمنين فِي قَولهِ تَعالَى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ) (٤) (التائبينَ العابدينَ). وأمَّا
__________________
(١) قال المُبَرِّدُ : أي : بأمر الله ، وهو قول الحسن البصري وقتادة وبهِ قالَ ابنُ قتيبة والسرخسي في المبسوط وكذلك قال العُكبري ثمّ قال : وقيلَ : بمعنى (عن). ينظر : الكامل : ٣ / ٩٨ ، وتأويل مشكل القرآن : ٥٧٤ ، والمبسوط للسرخسي : ١٨ / ٨ ، والتبيان : ٦ / ٢٢٨ ، وإملاء ما مَنَّ بِهِ الرحمن : ٢ / ٦٣.
(٢) المحتسب : ١ / ٣٥٥ ـ ٣٥٦.
(٣) سورة التوبة : ٩ / ١١٢.
(٤) سورة التوبة : ٩ / ١١١.