القيُّوام ، فَلَمَّا التقتِ الواو والياءُ وسُبَقتِ الأولَى بالسُّكونِ قُلِبَتِ الواو ياءً ، وأُدْغِمَتْ فيها الياءُ فَصَارَتْ القَيَّام ، ومثله قولهم : (ما بالدار ديَّار) وهو فَيْعَال مِن يدار يدور وأصلُهُ دَيْوارٌ ، وأَهْلُ الحِجاز يقولون للصّواغ الصيّاغ فَعَلَى هَذَا ينبغي أنْ يُحمَلَ لا عَلَى فعَّال لأَ نَّهُ كانَ يَجبُ أَنْ يَكُونَ صَوَّاغاً.
هَذَا هُو البابُ. وأَمَّا القَيِّم فَفَيعل مِنْ قَامَ يَقُومُ ، وهو مِن لَفْظِ قَيَّام مَعْنَاهُ ، قَالَ :
اللهُ بيني وبينَ قَيِّمِهَا |
|
يَفرُّ مِنِّي بِهَا وأَتَّبِعُ (١) |
لَـمَّـا قَالَ الشَّاعِرُ هَذَا قِيلَ لَهُ : لاَ ، بَلْ اللهُ بينَ قَيِّمِهَا وبَيْنَكَ ، والقَيُّومُ قراءةُ الجَمَاعةِ ، فَيْعُول مِنْ هَذَا أَيْضاً ، ومِثْلُهُ الدَيُّورَ فِي مَعْنَى الدَّيَّارُ (٢).
وقَرَأَ مَالِكُ بنُ دِينار والجَحدري والأعمش : (إنَّ رَبَّكَ هُو الخَالِقُ) (٣) قَالَ أَبو الفَتْحِ : فِي هَذِهِ القراءةِ دَليلٌ عَلَى أَنَّ فَعَل الخفيفة فِيها مَعْنَى الكثرةِ كَفَعَّلَ الثّقِيلةِ ، أَلاَ تَرَى إلى قراءةِ الجماعة : (الخَلاَّق)؟ وهذه لِلْكَثْرَةِ لاَ محالة. نَعَمْ وقد قُرنَ بِهِ العَليم وفَعِيلٌ للكثرةِ. وكَأَنَّ الخَلاَّق الموضوعُ للكثرةِ أَشبهُ بعليم لأَ نَّهُ مَوضوعٌ لَهَا ، فَلَولا أَنَّ فِي خَلَقَ مَعْنَى الكثرةِ لَـمَـا غُيِّرَ بِخَالق عَنْ مَعْنَى خَلاَّق. ومنه قولُهُ : (غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ) (٤). أَلا تَرَاهَا فِي مَعْنَى غَفَّار وقَبَّال؟ وعَلَيْهِ مَا أَنْشَدَ أَبو الحَسَن :
__________________
(١) البيت للأَحْوص. انظر : الأَغاني ـ بولاق ـ ٤ / ٤٩ والخصائص : ٢ / ١٢٨ ومعجم شواهد العربية : ١ / ٢٢٩.
(٢) المحتسب : ١ / ١٥١ ـ ١٥٢.
(٣) من قوله تعالى من سورة الحجر : ١٥ / ٨٦ : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ).
(٤) من قوله تعالى من سورة غافر : ٤٠ / ٣ : (غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ).