وَأَمَّا (أَنْ) فَحَرفٌ مَوْصُول جُعل بَدَلَ لَفظِهِ في مَعْنَى المصدر وَمَا أبعَد هذا عَنِ الظَّرفيةِ ، وَقَدْ استقصينا القولَ عَلَى ذَلِك فِي كتابِنَا الخصائص (١) ، وغيرِهِ من مصنّفاتِنَا ، وينبغي أيضاً أنْ يكونَ على حذفِ المضافِ ، أَي : وَقت وعدِكُم يومُ الزِّينَةِ (٢) وَوَقتُ حَشرِ الناسِ لاَِنَّ الحَشْرَ في الحقيقةِ لَيْسَ وَقْتَاً ، كَمَا أَنَّ قَولَك : ورودك مَقدِمَ الحاجِّ إنّمَا هو على حذفِ المضافِ ، أي : وقتَ مَقَدمِ الحاجِّ ، وَكَذَلِك خُفوقَ النَجمِ وَخِلاَفةَ فلان ، فاعرفْ ذَلِك (٣).
وَقَرَأ : (بَل مَكرٌ الليلَ والنهارَ) (٤) قتادة.
قال أَبو حاتِم : وَقَرَأَ راشد الَّذي كانَ نَظَرَ في مصاحفِ الحَجَّاجِ : (بَلْ مَكَرَّ) بالنصبَ.
قال أبو الفتح : الظرفُ هُنَا صفةٌ للحدثِ ، أَي : مَكرٌ كائِن فِي الليلِ والنهارِ ، وإنْ شِئتَ عَلَّقْتَهَا بنفسِ (مَكرٌ) كقولِك عجبتُ لك مِن ضرب زيداً ، وكقولِ اللهِ : (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْم ذِي مَسْغَبَة * يَتِيماً ذَا مَقْرَبَة) (٥) وأَمَّا (مَكَرَّ) بالنصبِ فَعَلى الظرفِ (٦) ، كَقَولِك : زرتُك خُفوقَ النَّجمِ ، وصِيَاحَ الدَّجَاجِ ، وَهوَ مُعَلَّقٌ بفعل محذوف ، أَي : صَدَّدتُمونَا فِي هذهِ الأوقاتِ على هذهِ
__________________
(١) انظر : الخصائص : ٣ / ٩٨.
(٢) على هذا التقدير جعل موعداً مصدراً. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٢٣ بينما قدَّرَهُ ابنُ الأنباري في البيان : ٢ / ١٤٤. موعدُكُم وقت يوم الزينة ، موعدكم وقت حشر الناس.
(٣) المحتسب : ٢ / ٥٣ ـ ٥٤.
(٤) من قوله تعالى في سورة سبأ : ٣٤ / ٣٣ : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ).
(٥) سورة البلد : ٩٠ / ١٤ ـ ١٥.
(٦) على تقدير مدّة كرورهما.
اُنظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٩٩.