جَوابَ قَومِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا) (١).
أَي : إلاَّ قولُهم على ما مضى. فأما قولهم :
وَقَدْ عَلِمَ الأَقوامُ مَا كانَ دَاءَهَا |
|
بِثَهْلاَنَ إِلاَّ الخِزْيُ مِمَنْ يَقُودُهَا (٢) |
وَأَ نَّهُ إِنَّمَا اختيرَ فيه رفعُ الخزيّ وإِنْ كان مُظهَراً ومعرفةً كما أنَّ داءَها مُظهرٌ ومعرفةٌ ، من حيثُ أَذكرُهُ لك ، وذلك (أَنَّ إِلاّ إذا باشرتْ شيئاً بعدَها فَإِنَّمَا جِيءَ به لتثبيته وتوكيد معناه ، وذلك كقولِك : ما كانَ زيدٌ إلاَّ قائماً ، فزيدٌ غيرُ محتاج إلى تثبيته ، وإِنَّمَا يَثبتُ لهُ القيامُ دونَ غيرِهِ.
فإذا قُلْتَ : ما كانَ قائماً إلاّ زيدٌ فهناك قيامٌ لا محالةَ ، وإنِّمَا أَنتَ ناف أَنْ يكونَ صاحِبُهُ غيرَ زيد فعلى هذا جاء قولُه : ما كانَ داءَها بثهلان إلاّ الخزيُ ، برفعِ الخزي ، وذلك أَنَّهُ قد شاعَ وتعولِمَ أَنَّ هناك داءٌ ، وإِنَّمَا أَرادَ أَنْ يثبتَ أَنْ هذا الداءَ الذي لا شَك في كونِهِ ووقوعهِ لَمْ يَكنْ جانِيهُ ومُسَببُهُ إلاّ الخزيُ ممنْ يقُودُها ، فهذا أمرٌ الإِعراب فيه تابعٌ لمعناهُ ومحذوٌ على الغرضِ المرادِ فيه) (٣) وأَما قولُهُ :
وَلَيْسَ الذي يَجْرِي مِنَ العينِ ماءَهَا |
|
وَلَكنَّها نَفْسٌ تَذُوبُ فَتَقْطُرُ (٤) |
وَيرُوى (وَلَكِنَّه) فالوجهُ فيه نصبُ الماءِ وذلك أنَّهُ رأى ماءً يجري من العين فاستكثره واستنكره فقال : ليسَ هذا الذي أَراه جارياً من العين ماء
__________________
(١) سورة الأعراف : ٧ / ٨٢. وانظر : ص : ١٦٢.
(٢) يقول : لم يكن سبب انهزام هذه الكتيبة عند جبل ثهلان إلاّ جبن قائدِها والبيت لا يعرف قائله. انظر : الكتاب : ١ / ٢٤ والمحتسب : ٢ / ١١٦ وشرح المفصل : ٧ / ٩٦.
(٣) المحصور بين القوسين سنذكره في مبحث إلاّ ، ص : ٢٨٦.
(٤) البيت لأَبي حية النميري. انظر : سمط اللآلي : ٢٦٥ والمحتسب : ٢ / ١١٦.