ب «ذلك» وقد يشير «ذلك» إلى جعل الناس أمة واحدة باختيارهم ، وهو الرحمة العميمة المحلقة ـ إذا ـ على كل الناس على ضوء تطبيق شرعة الله ، أم هما معنيان ، والإشارة ب «ذلك» لمكان بعد المحتد وعلوّه ، البعيد عن تحقيقه الحقيق ، وهذا استخدام في الإشارة ما ألطفه.
وأما الإختلاف فهو بعيد لفظيا ومعنويا ، بعدا في كونه مشارا إليه ، وآخر في أنه خلاف الضرورة الربانية الحاكمة بضرورة الوحدة في عشرات من آيات الله البينات.
أفيكون «ذلك» المشيرة إلى العظيم العظيم في غاية الخلق ، هو الإختلاف الرذيل الرذيل ، المرفوض في محكمة الفطرة والعقلية الإنسانية والشرعة الربانية ، أم هو رحمة الوحدة الفضيلة الفضيلة ، المفروضة في كل الحقول! إذ (ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (٥١ : ٥٦) (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (٢ : ٢١).
أو ترى ربنا يندد بالاختلاف في الدين وعن الدين ، ويمدح الوحدة فيه ويأمر بها ، ثم يجعل غاية الخلق نفس الإختلاف؟.
وترى (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) عما ذا يستثني؟ هل عن المجموعة ، أن من رحم ربك منهم لا يختلفون؟ وهم مختلفون مع أهل الباطل! نقول : الإختلاف المرفوض هنا هو الإختلاف عن الحق وفي الحق والتفرق في الدين : فقد (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) (٤٢ : ١٣) ومن رحم ربك لا يتفرقون في الدين ، بل هم متفقون فيه ، فالاختلاف المرفوض في الدين هو إتباع سائر السبل رفضا لسبيل الدين : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) (٦ : ١٥٣).
ومن الإختلاف في الدين الشك فيه : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ