ذلك ولقد خرق علمه باطن غيب السترات ، وأحاط بغموض عقائد السريرات ، (١٠٦) ـ
«كل سر عنده علانية ، وكل غيب عنده شهادة» (١٠٧).
وترى أنها تنسخ الأولى لمكان (خَفَّفَ اللهُ)؟ والحكمان تابعان لموضوعيها وهما القوة والضعف في الإيمان ، فلا نسخ ـ إذا ـ وإنما هو التخفيف الأحيائي حين يفقد الموضوع الثاني شرط الأول ، ولضعف الإيمان ـ بعد ـ مرزءته ومسئوليته (١).
فالمسئولية العامة الهامة أولا وأخيرا هي (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) حيث تعني إلى جانب القوات الحربية الظاهرة ، قوات التصبّر والإيمان والفقه الباهرة ، ولكي تتحقق ـ لأقل تقدير ـ المكافحة : لا غالب ولا مغلوب ، ولكنه كفرض دائب : غالب ولا مغلوب ، اللهم إلّا إذا خرج عن المستطاع ف (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً).
والأصل في النسبة هنا يتراوح بين عشر ونصف في قبيل الإيمان (٢) رعاية لمختلف حالات الضعف والقوة في مختلف المجالات ، ثم الأصل الثابت الضابط في هذا البين واجب إعداد القوة قدر المستطاع فرادى وجماعات ، ولكي يترجح كفة الإيمان وضفته على ضفة الكفر بكفته ، تترجح ولا تتأرجح ، رغم الأقلية الدائمة لقبيل الإيمان ، والأقلية الفقيهة
__________________
(١) راجع إلى حاشية (٢) من ص (٢٨٨)
(٢) نور الثقلين ٢ : ١٦٧ في الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) حديث طويل يقول فيه : أما علمتم أن الله عزّ وجلّ قد فرض على المؤمنين في أول الأمر أن يقاتل الرجل منهم عشرة من المشركين ليس له أن يولي وجهه عنهم ومن ولاهم يومئذ دبره فقد تبوء مقعده من النار ثم حولهم رحمة منه لهم فصار الرجل منه عليه أن يقاتل رجلين من المشركين تخفيفا من الله عزّ وجلّ للمؤمنين ففسح الرجلان العشرة. وفي تفسير العياشي عن الحسين بن صالح قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : كان علي (عليه السلام) يقول : من فر من رجلين في القتال من الزحف فقد فر من الزحف ومن فر من ثلاثة رجال في القتال من الزحف فلم يفر.