الآية زكوة ، على أن الآية مكية وحكم الزكوة مدني» (١) ، إنه غريب في نوعه ، إذ إن «ليس في بعض ما ذكر في الآية زكاة» هي في نفسها مصادرة ودعوى دون برهان إلّا ضده كتابا وسنة ، ومن الكتاب الآية نفسها الفارضة الزكوة على غير الغلات الأربع وإن لم تأت فيها صيغة الزكوة ، إذ نحن مع واجب الإيتاء ، نتابع دليله أيّا كانت صيغته ، إيتاء وإعطاء وإنفاقا وصدقة وخمسا وزكاة ، فلا تهمنا صيغة خاصة في واجب الأداء مهما اختلفت تقديراته كضرائب مستقيمة وغير مستقيمة.
فالإيتاءات الشرعية كلّها إعطاءات وصدقات وإنفاقات وزكوات ، بل والكلّ كذلك زكوات حيث الزكاة هي المعطاة المزكية لنفس المزكي ونفيسه ، والمزكية لدنس الفقر فرديا وجماعيا ، حاليا وماليا ، الجاعلة المجموعة المتفاوتة المتهافتة متعارفة متآلفة كأسنان المشط حيث تعيش بذلا دون أية منة أو جور ، وسماحا متعاليا قد يجعل الفقير في حرمة أكثر من الغني.
ثم حكم الزكوة ليس حكما مدنيا حتى يستغرب ذكره في هذه المكية ، فإن عشرات من آيات الزكاة تحلّق على العهدين ، من مكيات تسع تفرضها (٢) ومدنيات أربع تتحدث عن فرضها في الشرائع السالفة (٣) فإنها تنجر إلى شرعة الإسلام ما لم تنسخ ، ثم مكيات ثلاث منها هذه (وَآتُوا
__________________
(١) كما في الميزان للمغفور له العلامة الطباطبائي قدس الله روحه ٧ : ٣١٣ وغيره من المفسرين ومؤلفي آيات الأحكام وسائر الفقهاء ، فقد تناقله العلامة الطباطبائي دون مراجعة إلى الآيات المكية للزكاة اعتمادا على النقل.
(٢) وهي ٧ : ١٥٦ و٢٣ : ٤ و٢٧ : ٣ و٣٠ : ٣٩ و٣١ : ٤ و٤١ : ٧ و٨٧ : ١٤ و٧٣ : ٢٠ و٩٢ : ١٨.
(٣) وهي ٢ : ٤٣ و١٩ : ٣١ و٥٥ و٢١ : ٧٣.