حول العنق ، يحمل
بيده سيفا بمقبض وزينة من الفضة الخالصة ، وبادرني ب" السلام عليك"
فرددت بتودد" وعليك السلام" فأبلغني تحية الأمير وأنه مكلف بمرافقتي
إليه.
أخذني بيميني
ليثبت لي أنني في أمان وجعلني أعبر بابا صغيرا فوجدنا أنفسنا أمام حوض يغذيه ماء
جار. وأبعد منه يمتد بستان جميل ، مزروع بشكل شبه حصري بالرمان يسود فيه ظل وبرودة
لذيذان.
درنا حول الحوض
ووجدت نفسي في حضرة أربعين رجلا مصفوفين بشكل دائري يجلسون جميعا القرفصاء على
الأرض. ويمتد السجاد أمام منزل صغير. هنا كان يجلس الأمير وحيدا وظهره مسند إلى
سرجه لدى وصولي ، وقف اثنان من المساعدين ليسمحا لي بدخول الدائرة. حييت الأمير
فنهض عندئذ وأضاف في رده على تحيتي : " مرحبا" ثم أعطاني يده على
الطريقة العربية أي دون أن يشدها ثم قبّل السبابة وجعلني أجلس إلى جانبه.
وسألني بكثير من
الاهتمام ما إذا كانت رحلتي موفقة ولم ألق مشقة أو تعبا ثم استفسر عن هدف رحلتي
وتطرق إلى هذا الموضوع مرارا ليس في هذا المساء فحسب بل لاحقا أيضا. فهو لا يعتقد
أبدا أن العلم وحده يدفع أيا كان للسفر في صحاري الجزيرة العربية حيث لا يرى هو
فيها أي شيء علمي على الإطلاق. ثم طلب مني أخبارا سياسية وبالأخص ما قيل في دمشق
وحوران بشأن الغزو الذي قام به قبل شهرين في وادي سرحان متوغلا إلى ما هو أبعد من
القصر الأزرق إلى ما يقل عن مسافة يوم من جبل الدروز وقد شعر مدحت باشا ، والي
دمشق في ذلك الحين ، بقلق عميق من جراء ذلك. وحدثني أيضا عن السيد والسيدة بلانت
اللذين امضيا ثمانية عشر شهرا في حائل. وقد احتفظ بذكرى طيبة عنهما ولكنه ابدى
تعجبا شديدا لرؤية السيد بلانت لا يقبل أبدا فنجان القهوة إلا بعد زوجته ويجعلها
دائما تمر قبله ، وتجلس دائما في المرتبة الثانية إلخ ... وسألني ما إذا كانت
الأمور تجري على هذا النحو عند جميع النصارى. ولكن أكثر ما أدهش الأمير وجميع
العرب كذلك هو رؤية ليدي آن بلانت تمتطي حصانا وعلى اكمل وجه.
بلغ الأمير محمد
بن رشيد من العمر ستا وأربعين سنة طوله ٦٥ ، ١ م. وجهه ينضح بالعزم ومعبّر. نظره
ثاقب وكثير الحركة وهو يتنقل باستمرار من شخص إلى آخر