وقادتنا مسيرة ليلية إلى نهاية أرض خويمة وبداية أرض شعلان.
في السابعة والنصف كنا شهود ظاهرة شهابية غريبة. فقد ظهر نيزك رائع قطره ظاهريا طول قطر برتقاله كبيرة ، كرة نارية حقيقية ، قرب ألفا النسر واجتازت الفضاء في الجنوب ومرت على أوريون واختفت وراءنا إلى اليسار وقد أضاءتنا خلال سبع إلى ثماني ثوان بنور ساطع شبيه بنور بؤرة كهربائية. وبعد خمسين ثانية بلغنا صوت انفجار شبيه بإطلاق عدة مدافع.
وكان زيد ، أحد رجالي ، يصيح طيلة مدة الظاهرة بأعلى صوته وبنبرة تنم عن هلع كبير : " الله اكبر! الله اكبر! السلام على سيدنا محمد! " وكرر هذه الجملة عشر مرات ثم قال لنا أن هذه العلامة تنذر بنهاية سيئة لرحلتنا." أليس كذلك يا بيه؟ " قالها متوجها إليّ. وأجبته" نعم لو كان هذا قد حصل في بداية رحلتنا ، أما الآن فهذا الأمر لا يعنينا. وا أسفاه على الذين رأوا هذه الإشارة وسيصرون على بدء رحلة غدا". لكن شرحي لم يطمئنه إلا جزئيا.
في صباح اليوم التالي ، حددت من مخيمنا الجبال الصغيرة التالية : ـ الغاب على مسافة عشرة أميال تقريبا شمالا ، ـ ٤٥ درجة غربا. ـ شعلان على مسافة ثلاثة أميال تقريبا شمالا ، ـ ٨٠ درجة غربا. ـ الطنف والطنيف على مسافة ١٦ و ١٨ ميلا تقريبا جنوبا ، ـ ٤٥ درجة غربا.
بالقرب من جبال شعلان والطنف والطنيف غديران فإذا كانت الأمطار غزيرة في الشتاء ، يبقى فيها ماء ويتجمع فيها عرب فضان وسبا في الربيع.
استغرق اجتياز أراضي شعلان ساعتين ونصف الساعة.
وفورا بعد ذلك بدأت أراضي خور الطنيفات حيث خيّمنا بعد الثالثة عصرا في واد عذب مملوء بالحطب والعلف ومن بينها الكثير من النوصي. وبالفعل فقد تبدلت الأرض والمنظر. فقد أعقبت السهول الشاسعة الرتيبة والجرداء في الحرة والوالج وخويمات منطقة وعرة من التلال والوديان. كذلك الأرض لم تعد مغطاة بالشظايا الشبيهة بحجارة البندقية ، فقطع الصخر بشكل بحص وكثيرا ما تبدو وكأنها كسرت كالحجارة المعدّة عندنا لرصف الطرقات المكدمة.
في بعض الأحيان أيضا ، إنما بنسبة أقل ، تكون هذه الحجارة بحجم الدبش عندنا