تعطيك المدينة
انطباعا بأنها أطلال. وهناك مأذنة في الزاوية الجنوبية تطل عليك من بعيد وأنت قادم
من الرمادي.
الهيت تعيش كليا
من ينابيع القار التي لا تنضب.
بالاستناد إلى
عيّنات معدنية استجلبت ، فإن تربة البلدة تتألف بشكل رئيس من الجبس وحصى المرو
وافتاليت والصوان المنطقي الموشح والمنغنيزي ، والمرو الشفاف ، وحصى من الكلس
الأسود المتراص جدا ، الأنبوبي الشكل أحيانا ومن الحث الصواني بملاط كلسي.
بين الرمادي
والهيت يشكل الفرات عروة في الشمال بحيث يغيب عن الأنظار ، ولأن الطمي لا يمتد إلى
هذا البعد في الداخل تأتي النتيجة بأن مجرى النهر بكامله تقريبا يسير في صحراء من
الحصى اسمها أبو راية.
في الهيت تملأ
القرب من ماء الفرات لعبور الصحراء. واستأنفنا مسيرتنا قرابة الساعة الخامسة مساء
في اتجاه الشمال ، ٧٥ درجة غربا ، لنصل في الثامنة إلى كبيسةKebeisah
وهي قرية مؤلفة من ٥٠٠ نسمة وتحيط بها جدران تحظى بصيانة جيدة ، قضينا الليل
خارجها.
حدائق كبيسة
موجودة في أرض مسوّرة منفصلة ، شمالي المدينة. وعلى حدود الحدائق يجري نبع غزير
لكن ماءه مرّ ومالح. أما المياه الصالحة للشرب لاستهلاك كل القرية ، فلا وجود لها
إلا في بئر وحيدة تقع على مسافة ٥٠٠ متر خارج الجدران.
هذه المدينة
الصغيرة القابعة على أبواب الصحراء هي مقر مدير مكلّف بجباية الضريبة لحساب
الحكومة العثمانية ، ولكن هذه هي الفائدة الوحيدة التي يحصل عليها السكان من جراء
جنسيتهم اذ إنهم لم يروا السلطة مرة تتدخل لحمايتهم من عمليات السلب الدائمة التي
يشنها عرب عنزة.
يوم الاثنين في ٥
كانون الأول غادرنا كبيسه في السادسة صباحا ولم نعد نصادف أي مركز مأهول حتى
وصولنا إلى سورية. وقد عصفت ريح شمالية مثلجة بقوة طوال اليوم ومنعت جمالنا في بعض
الاحيان من التقدم.
كانت طريقنا تسري
في الجنوب ، ٦٠ درجة غربا. وقد قادتنا مسيرة ست ساعات إلى قصر خباز حيث خيّمنا في
مجرى الشعيب الذي يحمل الاسم نفسه والذي يتخذ