رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (٤٣ : ٣٢).
فلما ذا ـ إذا ـ تمنّي ما فضل الله به بعضكم على بعض من نعم روحية أماهيه ، وهو بين مالكم؟؟؟ إليه سبيل بالسعي كما (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ) وما لا سبيل اليه في الحكمة العالية فالتسليم ، وما التمني إذا إجهادا للنفس وإبعادا لها عما يحق ويجب أمام الله وأمام خلقه بما فضّل!.
وليس الفضل غير المكتسب بالذي يفضّل صاحبه على غيره في حساب الله في النشأتين ، فلا الرجولة تفضل أعمال الرجال على النساء ولا الأنوثة ترذل اعمال النساء أمام الرجال ، بل : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) فلا فضل للفضل غير المكتسب إلا بما اكتسب بسببه أو سواه ، والتارك لاكتساب الفضل من الفضل أدنى من تاركه دون وسيط الفضل ، والآتي بالفضل دون وسيط ذلك الفضل أعلى من الآتي به بوسيط ذلك الفضل و «أفضل الأعمال أحمزها».
صحيح أن كلا من الرجال والنساء يفضّل على قسيمه في قسم من المعطيات الربانية ، ثم هما مشتركان في ثالث ، إلا أن المهم في هذه الثلاث قدر الاكتساب وقدره ، دون أصل الفضل غير المكتسب ف (أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).
و «مما اكتسبوا ـ اكتسبن» دون «ما اكتسبوا» قد ينظر إلى نصيبهم في الأولى ، وأما الأخرى «فيجزاه الجزاء الأوفى» فليس الناتج عن الاكتساب بارادة الله قدر الاكتساب ، إنما قدر الصالح في حساب الله لخلقه والمصالح الحيوية لهم فردية وجماعية.