وهنا (إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) تسامح جماعي من أهله عن الدية لأنها حقهم كلهم ، فإذا تصدق بعض دون بعض يسقط نصيب المصدّق دون سواه ، ثم وليس لهم أن يصّدّقوا نصيب الوصية والدين من الدية إلّا أن يوفي بهما ما سواها من التركة.
وعلى أية حال فحكم الدية كسائر التركة لكل من يستحقها من وصية ودين وورثة.
ترى ما هو دور «مسلمة» مواصفة ل «دية» وقد كانت تفي بالمقصود «ودية لأهله»؟ علّها للإشعار الى واجب التسليم جبرا لخواطرهم دون تساءل منهم (إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) وأن الدية قطعية لا حول عنها (إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) ، ومن أبعاد كونها «مسلمة» أن تكون تامة غير ناقصة.
وترى (دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ) هي على العاقلة كما يقال؟ إنها كأصل عادل ليست إلّا على القاتل ، كما هو الظاهر كالنص من الآية (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) أي فعليه تحرير رقبة دون من سواه ، ثم (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) كذلك الأمر ، فلو كانت الدية على غير القاتل لكان الواجب ذكره لأنه خلاف القاعدة المسلمة.
ذلك! ومن ثم في آخر الأمر (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ) فهل الصيام أيضا على العاقلة ، وتوبة من الله كذلك هي على العاقلة ولا دور له في القتل خطأ ولا عمدا ، اللهم إلّا بالنسبة للقاتل الصغير فإن ديته
__________________
ـ وبعث به مع عمرو بن حزم وفيه «وعلى أهل الذهب ألف دينار» يعني في الدية.
وفيه أخرج أبو داود عن جابر بن عبد الله أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قضى في الدية على أهل الإبل مائة من الإبل وعلى أهل البقر مائتي بقر وعلى أهل الشاة ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة وعلى أهل القمح شيء لم يحفظه محمد بن إسحاق.