ـ ومنها ما رواه في الكافي عن أبي المعزا قال قال أبو عبد الله (ع): كل ربا أكله الناس بجهالة ثم تابوا فأنه يقبل منهم إذا عرف منهم التوبة ، وأيما رجل أفاد مالا كثيرا قد أكثر فيه من الربا فجهل ذلك ثم عرفه بعد فأراد أن ينزعه فما مضى له ويدعه فيما يستأنف.
أقول «فما مضى له» لا تعني إلّا ما عنته (فَلَهُ ما سَلَفَ) ثم «ويدعه فيما يستأنف» قد تعني (وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا) فيما تعني ، ويكفي في وجوب رد ما بقي أنه لا تشمله (ما سَلَفَ) مهما لم تشمله «ما يستأنف».
ومنها ما رواه علي بن إبراهيم في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) أن رسول الله (ص) قد وضع ما مضى من الربا وحرم عليهم ما بقي فمن جهله وسع له جهله حتى يعرفه فإذا عرف تحريمه حرم عليه ووجب عليه في العقوبة إذا ركبه كما يجب على من يأكل الربا.
أقول «وحرم عليهم ما بقي» يعني كل ما بقي مما أخذه أم هو عنده لقوله تعالى : (فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ) و «وسع له جهله» لا تعني إلّا فسحة عن العقوبة وكما تدل عليه «ووجب عليه فيه العقوبة ...».
ومنها ما رواه الكليني في الصحيح عن الحلبي قال أبو عبد الله (ع): لو أن رجلا ورث من أبيه مالا وقد عرف أن في ذلك المال ربا ولكن قد اختلط في التجارة بغير حلال كان حلالا طيبا فليأكله وإن عرف منه شيئا أنه ربا فليأخذ رأس ماله ويرد الربا.
أقول : «إن عرف» يعني معرفة البدل إلى معرفة العين ، فقد يكون أكل كل ما أخذه ربا والزيادة هنا من التجارة ، وأخرى أنه بقي منه شيء في المال الحاضر «فليأخذ رأس ماله ويرد الربا».
ومنها ما رواه علي بن إبراهيم في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال : أتى رجل أبي (ع) فقال : إني ورثت مالا وقد علمت أن صاحبه الذي ورثته منه قد كان يربي وقد أعرف أن فيه ربا واستيقن ذلك وليس بطيب لي حلاله لحال علمي فيه وسألت فقهاء أهل العراق وأهل الحجاز فقالوا : لا يحل أكله؟ فقال أبو جعفر عليهما السلام : «إن كنت تعلم فيه مالا معروفا ربا وتعرف أهله فخذ رأس مالك ورد ما سوى ذلك وإن كان مختلطا فكله هنيئا فإن المال مالك واجتنب ما كان يصنع صاحبه» (نور الثقلين ١ : ٢٩٤ ـ ٢٩٥).
أقول : إن كان «إن كان مختلطا» يعني أن فيه ربا بعينها أم بديلها ولكنها مجهولة وصاحبها معلوم ، فهو خلاف الآية (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ) فضلا عن هذا الذي مات غير تائب ، اللهم ـ