من آدم (عليه السلام) وخاتمة الى خاتم الرسل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وبينهما متوسطون ـ (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) ضابطة اجمالية في ذلك التفضيل الفضيل دونما ذكر لمادة الفضيلة إلا لمحة انها في فضائل الرسالة ، ولا ذكر لمن حملها ، وانما كل ما هنا (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) ليذهب إلى خلد السامعين كل مذهب في مفضّل بفضله.
ثم يذكر امثلة ثلاثة لذلك التفضيل ، منها مثالان في موسى والمسيح (عليهما السلام) ، كلّ يحمل فضيلة واحدة على من يفقدها ، فموسى (مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ) ـ : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) دونما وسيط ملك الوحي ، مهما كان يحمله وسيط نار النور في الشجرة إما هيه ، والمسيح (وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ) من بينة الولادة العجيبة وتكلمه في المهد صبيا ، ثم البينات الرسالية الأخرى كما الرسولية ، وهو منقطع النظير في هذه المجموعة بين كل بشير ونذير.
ثم المثال الأجل الأمثل والأفضل ، الذي لا يدانى ، ولا يساوى او يسامى في حقل الرسالة الإلهية ، من لا تحمل فضائله هذه القصيرات من الكلمات ، من «كلم الله ـ و ـ البينات» : (وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ) لا درجة واحدة كموسى والمسيح واضرابهما (عليهم السلام) ولا على بعض دون بعض ، وكما لإبراهيم فضل عليهما في غير ما ذكر لهما ، بل (وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ) على الكل دون إبقاء «درجات» في كل الأبعاد الرسولية والرسالية مادة ومدة ، عدة وعدة ، فضائل ذاتية ورسالية وكتابية وفي الشرعة القرآنية ف (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) تجمع بعض التفضيل ـ كتفضيل لبعض على بعض ، كما في المذكورين وغيرهما الى كل التفضيل على الكل كما هنا (وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ) وليس درجة كما فيهما ، او على بعض كما هما ، وانما «رفع» رفعا شاملا لم يعبر عنه