مهما عارض الأربعة حديث «دون الميقات» .. فالقدر المتيقن من (حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) هم أهل الحرم ، ولكن الأشبه هو من دون الميقات ، وأقرب المواقيت الخمسة ستة عشر فرسخا.
ثم هناك من كان أهله حاضري المسجد الحرام وليس هو من الحاضرين ، ومن كان هو من حاضري المسجد الحرام وليس أهله حاضرين ، ام هما حاضران ، ام غير حاضرين ، والنص يخص «من (لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) سواء أكان هو نفسه من حاضريه ام كما هم من الغيّب عن المسجد الحرام.
«أهله» لا تخص أهل الرجل ، إذ ليس الحاج هو فقط الرجل ، بل يعم المرأة الى جانب الرجل ، ثم الأهل أعم من الزوجين ، فقد تكون «أهله» تعبيرا أدبيا عن موطن المسلم أنه الذي فيه أهله حيث يعيش معهم ، ولا سيما كلّ من الزوجين ، ف «أهله» إذا يعنيه هو زوجا ام زوجة او أعزبا وعزباء.
وقد تشير «أهله» إلى واجب العشرة مع الأهلين كأصل فيها ، مهما سافر الإنسان لحاجيات طارئة ام قاصدة ، فليكن ـ كأصل ـ هو مع اهله واهله معه ، دون انعزال عنهم ، وهذا هو المقصود هنا من «أهله» دون «نفسه» ضمن ما قصد منها ، فمن كان أهله حاضري المسجد الحرام وهو نفسه ليس من حاضريه يعتبر آفاقيا ، ومن كان هو نفسه من حاضريه دون أهله يعتبر من حاضريه ، مهما كان متخلفا عن واجب العشرة الأصيلة مع أهله ، ولا سيما الزوجان ، فان واجب العشرة بينهما يمنع عن الانعزالية في الموطن.
ولكن الذي يتردد إلى أهله قدر الواجب وحسب المكنة يعتبر من مواطني أهله ، وهذه توسعه في المواطنية ، انها لا تخص المواطن على طول ، بل الذي أهله مواطنون مهما لم يكن معهم على طول ، ما دام يتردد إليهم حسب الواجب