قال لهم : ما فعل قوم يونس؟
فقالوا له ، ولم يعرفوه : إنّ يونس دعا عليهم ، فاستجاب الله ـ عزّ وجلّ ـ له ونزل العذاب عليهم. فاجتمعوا وبكوا ودعوا ، فرحمهم الله وصرف ذلك عنهم وفرّق العذاب على الجبال. فهم إذن يطلبون يونس ، ليؤمنوا به.
فغضب يونس ومرّ على وجهه مغاضبا لله ، كما حكى الله ـ تعالى ـ. والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وفي رواية أبي الجارود (١) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : لبث يونس في بطن الحوت ثلاثة أيّام ، ونادى في الظّلمات ، ظلمة بطن الحوت وظلمة اللّيل وظلمة البحر : (أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). فاستجاب الله له ، فأخرجه الحوت إلى السّاحل ، ثمّ قذفه فألقاه بالسّاحل. وأنبت الله عليه شجرة من يقطين : وهو القرع. فكان يمصّه ويستظلّ به وبورقه. وكان تساقط شعره ورقّ جلده. وكان يونس يسبّح الله ويذكره باللّيل والنّهار.
فلمّا أن قوي واشتدّ ، بعث الله دودة فأكلت أسفل القرع فذبلت القرعة ثمّ يبست. فشقّ ذلك على يونس ، فظلّ حزينا.
فأوحى الله إليه : ما لك حزينا ، يا يونس؟
قال : يا ربّ ، هذه الشّجرة الّتي كانت تنفعني فسلّطت عليها دودة فيبست.
قال : يا يونس ، أحزنت لشجرة لم تزرعها ولم تسقها ولم تعن (٢) بها إن يبست حين استغنيت عنها ، ولم تحزن لأهل نينوى أكثر من مائة ألف أردت أن ينزل عليهم العذاب. إنّ أهل نينوى آمنوا واتّقوا ، فارجع إليهم.
فانطلق يونس إلى قومه. فلمّا دنا يونس من نينوى ، استحيى أن يدخل.
فقال لراع لقيه : ائت أهل نينوى وقل لهم : إنّ هذا يونس قد جاء.
قال له الرّاعي : أتكذب ، أما تستحيي ويونس قد غرق في البحر وذهب؟
قال له يونس : اللهم ، إنّ هذه الشّاة تشهد لك أنّي يونس.
فنطقت الشّاة بأنّه يونس. فلمّا أتى الرّاعي قومه وأخبرهم ، أخذوه وهمّوا بضربه.
__________________
(١) تفسير القمّي ١ / ٣١٩ ـ ٣٢٠.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : لم تعبأ.