إزالة للفوضى واحياء لروح الأمن والطمأنينة ، وعلى الجملة حياة للمسلمين ككل (١) اللهم إلّا فيما كان في ترك القصاص او التخفيف عنه حياة ف (ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ...).
فالقشريون الذين لا ألباب لهم يفضلون ترك القصاص زعم أنه رحمة وعاطفة إنسانية وذلك تفريط بحق القصاص ، وآخرون مفرطون يعملون الفوضى في القصاص ، أم يجعلون عدل القصاص أصلا لا يستثنى ، وشريعة القصاص القرآنية عوان بين الإفراط والتفريط بشأنها ، أصلا كقانون حقوقي عام (فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) وفرعا كتبصرة حين تقتضيها المصلحة فوق مصلحة القصاص : (ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ)! وهذه شرعة أولى الألباب ، الذين يراعون كل جوانب المصلحة ، فردية وجماعية.
فأين هذه البلاغة الأدبية والمعنوية البارعة على اختصار الآية وسائر تعبيرات البلغاء ك : قتل البعض إحياء للجميع ـ أكثروا القتل ليقل القتل ، ومن أبلغها عندهم وأفصحها : القتل أنفى للقتل!
ف «القصاص» هي أعم من القتل ، و «حياة» تعم كل مراحلها ، و «لكم» تعم كل المسلمين ، و (أُولِي الْأَلْبابِ) تربط تلك الحياة العظيمة كحصيلة للقصاص بحكم الألباب ، خارجا عن قشرية الرحمة وهمجية الهجمة غير العادلة ، ولا تجد عبارة كهذه البالغة المدى ، البليغة المعنى على إيجازها طول
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ١٥٨ في الاحتجاج للطبرسي باسناده الى علي بن الحسين (عليهما السلام) في تفسير الآية : ولكم يا امة محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) في القصاص حيوة لأن من هم بالقتل يعرف انه يقتص منه فكف لذلك عن القتل الذي كان حيوة للذي كان هم بقتله ، وحياة لهذا الجاني الذي أراد ان يقتل وحياة لغيرهما من الناس إذ علموا ان القصاص واجب لا يجسرون على القتل مخافة القصاص (يا أُولِي الْأَلْبابِ) اولي العقول (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).