وقد تكفي (طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) معونة تقييدات وتحديدات ، حيث المؤمن لا يستطيب بطبيعة الإيمان مال غيره ، او محاصيل الظلم ، او الإسراف والتبذير ، وهناك بجنبه وفي مرآه ومنظره بطون غرثى لا عهد لها بالشبع ولا طمع لها في القرص.
ف «طيبات» هنا هي ما تستطيبها الأنفس المؤمنة نفسيا بجنب ما تستطيبها جسديا ، كما انها هناك ما تستطيبها الأنفس الإنسانية ، وهنا «طيبات» في ميزان الإقتصاد الإسلامي ، والأخلاق والعواطف الإسلامية السامية ، فهذه أضيق دائرة من «طيبات» في خطاب الناس ، قضية أن الإيمان قيد الفتك ، فالمؤمن يفتش عن طيب أكله وحلّه وأن يكون بمرضات ربه ، فيحتاط عن المخلوط او المشتبه بالحرام.
(إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ١٧٣.
حصر نسبي في نطاق الأنعام التي حرّم المشركون أقساما منها افتراء على الله كما قال الله : (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (٥ : ١٠٣).
وقد تحمل ذلك الحصر ثلاث أخرى ، فاثنتان من الأربع مدنيتان ، هذه وآية المائدة (٣) وأخريان مكيتان هما آية الأنعام (١٤٥) والنحل (١١٥) وتجد القول الفصل فيها في آية النحل والمائدة.
ومجمل القول فيها لا سيما آية الأنعام ـ وهي نص في الحصر ـ انها تنفي
__________________
ـ يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذى بالحرام فأنىّ يستجاب لذلك!.