التبعات في المنهيات مما يزحزحها عن المولويات. كما ليس ذكر المثوبات في المأمورات يجعلها ـ فقط ـ ارشاديات ، فكثير هذه الأوامر والنواهي القرينة بذكر المصالح والمفاسد ، دنيوية او أخروية ، ترغيبا الى الطاعات وترهيبا عن المحظورات.
وهنا الله تعالى ينهى آدم وزوجه عما ينهى مهدّدا لهما أنه ظلم يتبع شقاء كما في الكثير الكثير مما ينهى سائر الجنّة والناس ، فهل هي كلها إرشادات تحمل على ترك الأولى ، وقليل هذه الأوامر والنواهي التي لا تحمل إرشادات؟
بل الأصل فيها كلها ان تكون ارشادية من المولى سبحانه ، إلّا ما بثت أنه مولوي دون إرشاد ، كما امر ابراهيم ان يذبح إسماعيل (عليه السلام) ثم لا نجد امرا إرشاديا او نهيا في صيغة الغواية والظلم والعصيان أن لو ترك ، اللهم إلّا في مستحبات ومكروهات تحمل ارشادات غير ملزمة وهي بحاجة الى قرائن قاطعة.
ثم التوبة عن الذنب ليس لزامها رجوع التائب الى كل ما كان قبل الذنب ، وانما الرجوع الى الله فرجوع الله اليه ألّا يأخذه بنكاله ، وقد يكون ـ ايضا ـ رجوعا الى سائر ما كان.
أترى ان الآكل للسمّ ، الذي تاثر في جسمه لحد الموت ، هل هو يرجع الى صحته الاولى ان لو تاب؟ او ان القاتل لابنه هل يرجع هو غير قاتل ، وابنه حيا بعد ما تاب؟.
كذلك آدم وزوجه إذ عصيا بما هددهما الله (فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى) إرشادا الى تبعة هذا العصيان التي هي لزامها ، مهما تاب او تابع. في العصيان ، ولكنما التوبة ترجعه إلى ما كان من نزاهة وطهارة الطاعة ، دون هذه التبعة الدنيوية للعصيان.