قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة [ ج ١ ]

231/463
*

القرآن يتحدى في كافة الحقول :

١ ـ فصاحة العبارة وبلاغة التعبير وهي ابسط تحدياته وأسهل معجزاته مع القمة العليا في صياغته ونظامه وتركيبه وانسجامه ، أما لو صرفت الأنظار من مبانيه الى أسراره ومعانيه ، فهنالك تنقطع الإشارات وتحيا العبر وتموت العبارات ، حيث تحار دونها العقول والنفوس ، وتخضع الرقاب وتطأطأ الرؤوس ، فانها هبّة الملكوت ، وهيبة الجبروت ، هناك الفزّة والهزّة ، والعظمة والعزة ، والنفائس والبزّة ـ.

لقد كانت بلدة القرآن أملك البلاد لأساطين الفصحاء البلغاء ، وزمنه أبهج الأزمنة بمهرة الكلام ، وقد شق عليهم ظهور القمة المتفوقة في الفصاحة والبلاغة غاية الشقوة حتى تخاوصوا بحماليق الحنق إليه ، واعترفوا بعجزهم في أولى خطوة وأقصرها اعجازا وهي قشرها فضلا عن لبها ، فعاد لبيدهم بنكرانه بليدا ، وبليدهم بإيمانه لبيدا ، وشيبتهم وليدا ، وقائمهم حصيدا ، وعالمهم أبا جهل ، وسهيلهم على السهل ، وعتبتهم أعتاهم ، وبو لهبهم أخمدهم وأخزاهم ، وعبد شمسهم آفل ، ونابغتهم خامل ، وحيّ أخطبهم ميّتا ، وهشامهم مخزوما ، ومخزومهم مهشوما ، وسراتهم أسارى ، وكبّارهم من الصغار صغارا ، قد وسموا جباههم بنار العار والعيار ورسموا على محاسنهم وسم السوء بالذل والصغار ، وجعلت كلماته في أعناقهم أغلالا فظلوا لها خاضعين ، وطاشت ألبابهم فقالوا : ان هذا الا سحر مبين (١).

تحداهم القرآن فيما يعرفون من جانب اللفظ دون جناب المعنى ، به

__________________

(١) قسم من هذه العبارات ملتقطات من كتاب الدين والإسلام للإمام محمد حسين آل كاشف الغطاء.