معنى المفعول لوقوع المرور به في التحصيل ـ لزمه أن يقول : عبد الله ضربته وعمرا كلمته ؛ لأن عبد الله ـ وإن كان مبتدأ ، فقد وقع به الضرب في التحصيل.
ووقع في اللفظ اختلال في قوله : «وإن كان الأول ؛ لأنه في معنى الحديث مفعول» فأشكل معناه.
وتلخيصه وتحقيقه الذي يصح به المعنى ويتبين أن يكون صوابه «وإن كان» لأن الأول في معنى الحديث مفعول «أي» وإن كان اختيار النصب من أجل أن الأول في معنى الحديث المفعول ، فأضمر اسم من كان فيها لتقدم ذكر الاختيار ، وقدم الأول من بعد إن ، فابتدأه وجعل ضميره خلفا منه حالا في أن محله ونظيره من الكلام : كان الأمر زيد ؛ لأنه فاعل كذا ، يريد : لأن زيدا فاعل كذا ، فقلب عن وجهه.
وأنشد سيبويه :
* ألقى الصحيفة كي يخفف رحله |
|
والزاد حتى نعل ألقاها (١) |
فالاختيار في هذا البيت نصب النعل وعطف ما عمل فيه الفعل على ما عمل فيه الفعل وبعده الرفع على الابتداء لاشتغال الفعل بالضمير.
والخفض أبعدها لأنه يحتاج أن تلغي ألقاها.
باب ما يختار فيه النصب وليس قبله منصوب وهو باب الاستفهام
اعلم أن الذي يشتمل عليه هذا الباب ، أن الاسم إذا ولى حرف الاستفهام وجاء بعده فعل واقع على ضميره ، فالاختيار نصب الاسم بإضمار فعل ، وإنما صار الاختيار النصب من قبل أن الاستفهام في الحقيقة إنما هو عن الفعل لا عن الاسم ؛ لأن الشك فيه.
ألا ترى أنك إذا قلت : أزيد ضربته؟ فإنما تشك في الضرب الواقع به ، ولست تشك في ذات زيد.
فلما كان حرف الاستفهام إنما دخل من أجل الفعل ، كان الأولى أن يليه ما دخله من أجله.
وإنما جاز دخوله على المبتدأ وخبره لأنهما قبل دخول الاستفهام يوجبان فائدة ، فإذا استفهمت ، فإنما تستفهم عن تلك الفائدة.
قال سيبويه : «وذلك أن من الحروف حروفا لا يذكر بعدها إلا الفعل ولا يكون الذي يليها غيره مظهرا أو مضمرا».
إن قال قائل : ما الذي أحوج سيبويه إلى ذكر هذه الحروف في صدر هذا الباب وهو باب الاستفهام؟
__________________
(١) شرح الأعلم ١ / ٥٠ ، شرح السيرافي ٢ / ٥٢١ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٤١١.